تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 58 من سورة النجم

لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58(
وجملة { ليس لها من دون الله كاشفة } مستأنفة بيانية أو صفة ل { الأزفة } . و { كاشفة } يجوز أن يكون مصدراً بوزن فاعلة كالعافية ، وخائنة الأعين ، وليس لوقعتها كاذبة . والمعنى ليس لها كشف .
ويجوز أن يكون اسمَ فاعل قرن بهاء التأنيث للمبالغة مثل راوية ، وباقعة ، وداهية ، أي ليس لها كاشف قوي الكشف فضلاً عمن دونه .
والكشف يجوز أن يكون بمعنى التعرية مراد به الإِزالة مثل ويكشف الضر ، وذلك ضد ما يقال : غشية الضر .
فالمعنى : لا يستطيع أحد إزالة وعيدها غير الله ، وقد أخبر بأنها واقعة بقوله : { ليس لها من دون الله كاشفة } كناية عن تحقق وقوعها .
ويجوز أن يكون الكشف بمعنى إزالة الخفاء ، أي لا يبين وقت الآزفة أحد له قدرة على البيان على نحو قوله تعالى : { لا يجليها لوقتها إلا هو } [ الأعراف : 187 ] . فالمعنى : أن الله هو العالم بوقتها لا يعلمه أحد إلا إذا شاء أن يطلع عليه أحداً من رسله أو ملائكته .
و { من دون الله } أي غير الله ، و { من } مزيدة للتوكيد ، وهو متعلق بالكون الذي ينوى في خبر ليس قوله : { لها } .