تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 26 من سورة القلم
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) أي استفاقوا من غفلتهم ورجعوا على أنفسهم باللائمَة على بطرهم وإهمال شكر النعمة التي سيقت إليهم ، وعلموا أنهم أُخذوا بسبب ذلك ، قال تعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون } [ الأعراف : 168 ] . ومن حِكم الشيخ ابن عطاء الله الإسكندري «مَن لَم يشكر النعم فقد تَعَرَّض لزوالها ، ومن شكرها فقد قيَّدها بعِقالها» .
وأفادت ( لَمَّا ) اقتران جوابها بشرطها بالفور والبداهة . والمقصود من هذا التعريضُ للمشركين بأن يكون حالهم في تدارك أمرهم وسرعة إنابتهم كحال أصحاب هذه الجنة إذ بادروا بالندم وسألوا الله عوض خير .
وإسناد هذه المقالة إلى ضمير { أصحاب الجنة } [ القلم : 17 ] يقتضي أنهم قالوه جميعاً ، أي اتفقوا على إدراك سبب ما أصابهم .
ومعنى { إنا لضالون } أنهم علموا أنهم كانوا في ضلال أي عن طريق الشكر ، أي كانوا غير مهتدين وهو كناية عن كون ما أصابهم عقاباً على إهمال الشكر ، فالضلال مجاز .
وأكَّدوا الكلام لتنزيل أنفسهم منزلة من يشك في أنهم ضالون طريق الخير لقرب عهدهم بالغفلة عن ضلالهم ففيه إيذان بالتحسر والتندم .