تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 21 من سورة الحاقة
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) وموقع { فهو في عيشة راضية } موقع التفريع على ما تقدم من إيتائه كتابه بيمينه وما كان لذلك من أثر المسرة والكرامة في المحشر ، فتكون الفاء لتفريع ذكر هذه الجملة على ذكر ما قبلها .
ولك أن تجعلها بدل اشتمال من جملة { فيقول هاؤم اقرأُوا كتابيه } فإن ذلك القول اشتمل على أن قائله في نعيم كما تقدم وإعادة الفاء مع الجملة من إعادة العامل في المبدل منه مع البدل للتأكيد كقوله تعالى : { تكون لنا عيداً لأوَّلنا وآخرنا } [ المائدة : 114 ] .
والعيشة : حالة العيش وهيئته .
ووصف { عيشة ب راضية } مجاز عقلي لِملابسة العيشة حالةَ صاحبها وهو العائش ملابسة الصفةِ لموصوفها .
والراضي : هو صاحب العيشة لا العِيشة ، لأن { راضية } اسم فاعل رضيَت إذا حصل لها الرضى وهو الفرح والغبطة .
والعيشة ليست راضية ولكنها لحسنها رَضي صاحبها ، فوصفُها ب { راضية } من إسناد الوصف إلى غير ما هو له وهو من المبالغة لأنه يدل على شدة الرضى بسببها حتى سرى إليها ، ولذلك الاعتبار أرجع السكاكي ما يسمى بالمجاز العقلي إلى الاستعارة المكنية كما ذُكر في عالم البيان .
و { في } للظرفية المجازية وهي الملابسة .