تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 51 من سورة المدثر
فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)
و { قسورة } قيل هو اسم جمع قسْوَر وهو الرامي ، أو هو جمع على خلاف القياس إذ ليس قياس فَعْلَل أن يجمع على فَعْلَلة . وهذا تأويل جمهور المفسرين عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهما فيكون التشبيه جارياً على مراعاة الحالة المشهورة في كلام العرب .
وقيل : القسورة مُفرد ، وهو الأسد ، وهذا مروي عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وقال ابن عباس : إنه الأسد بالحبشية ، فيكون اختلاف قول ابن عباس اختلافاً لفظياً ، وعنه : أنه أنكر أن يكون قَسْور اسمَ الأسد ، فلعله أراد أنه ليس في أصل العربية . وقد عدّه ابن السبكي في الألفاظ الواردة في القرآن بغير لغة العرب في أبيات ذكر فيها ذلك ، قال ابن سيده : القسور الأسد والقسورة كذلك ، أنثوه كما قالوا : أُسامة ، وعلى هذا فهو تشبيه مبتكر لحالة إِعراض مخلوط برُعْب مما تضمنته قوارع القرآن فاجتمع في هذه الجملة تمثيلان .
وإيثار لفظ { قسورة } هنا لصلاحيته للتشبيهين مع الرعاية على الفاصلة .