تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 40 من سورة الأنفال

والتولي : الإعراض وقد تقدم عند قوله تعالى : { فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } في سورة [ العقود : 92 ].
والمَوْلى الذي يتولى أمر غيره ويدفع عنه وفيه معنى النصر .
والمعنى وإن تولوا عن هاته الدعوة فالله مغن لكم عن وَلائهم ، أي لا يضركم توليهم فقوله : { أن الله مولاكم } يؤذن بجواب محذوف تقديره : فلا تخافوا تَوليهم فإن الله مولاكم وهو يقدر لكم ما فيه نفعكم حتى لا تكون فتنة . وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم لمسيلمة الكذاب « ولئن توليتَ ليعْفِرنك الله » وإنما الخسارة عليهم إذْ حُرِموا السلامة والكرامة .
وافتتاح جملة جواب الشرط ب { اعلموا } لقصد الاهتمام بهذا الخبر وتحقيقه ، أي لا تغفلوا عن ذلك ، كما مر آنفاً عند قوله تعالى : { واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه } [ الأنفال : 24 ].
وجملة : { نعم المولى ونعم النصير } مستأنفة لأنها إنشاء ثناء على الله فكانت بمنزلة التذييل .
وعطف على { نعم المولى } قوله : { ونعم النصير } لما في المولى من معنى النصر كما تقدم وقد تقدم بيان عطف قوله تعالى : { ونعم الوكيل } على قوله : { حسبنا الله } سورة [ آل عمران : 173 ].