تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 1 من سورة الطارق
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) افتتاح السورة بالقسم تحقيق لما يقسم عليه وتشويق إليه كما تقدم في سوابقها . ووقع القسم بمخلوقَين عظيمين فيهما دلالة على عظيم قدرة خالقهما هما : السماء ، والنجوم ، أو نجم منها عظيم منها معروف ، أو ما يبدو انقضاضه من الشهب كما سيأتي .
و { الطارق } : وصف مشتق من الطروق ، وهو المجيء ليلاً لأن عادة العرب أن النازل بالحي ليلاً يطرق شيئاً من حجر أو وتد إشعاراً لرب البيت أن نزيلاً نزل به لأن نزوله يقضي بأن يضيفوه ، فأطلق الطروق على النزول ليلاً مجازاً مرسلاً فغلب الطروق على القدوم ليلاً .
وأبهم الموصوف بالطارق ابتداء ، ثم زيد إبهاماً مشوباً بتعظيم أمره بقوله : { وما أدراك ما الطارق } ثم بُين بأنه : { النجم الثاقب } ليحصل من ذلك مزيد تقرر للمراد بالمقسم به وهو أنه من جنس النجوم ، شُبه طلوع النجم ليلاً بطروق المسافر الطارق بيتاً بجامع كونه ظهوراً في الليل .