تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 14 من سورة الطارق

وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)
وعطف { وما هو بالهزل } بعد الثناء على القرآن بأنه «قول فصل» يتعين على المفسر أن يتبين وجه هذا العطف ومناسبته ، والذي أراه في ذلك أنه أعقب به الثناء على القرآن رداً على المشركين إذ كانوا يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يهزل إذ يخبر بأن الموتى سيحْيَوْن ، يريدون تضليل عامتهم حين يسمعون قوارع القرآن وإرشاده وجزالة معانيه يختلقون لهم تلك المعاذير ليصرفوهم عن أن يتدبروا القرآن وهو ما حكاه الله عنهم في قوله : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } [ فصلت : 26 ] فالهزل على هذا الوجه هو ضدّ الجدّ أعني المزح واللعب ، ومثل هذه الصفة إذا وردت في الكلام البليغ لا محمل لها إلا إرادة التعريض وإلا كانت تقصيراً في المدح لا سيما إذا سبقتها محمدة من المحامد العظيمة .
ويجوز أن يطلق الهزل على الهذيان قال تعالى : { وما هو بالهزل } أي بالهذيان .