تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 21 من سورة الغاشية
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) الفاء فصيحةُ تفريع على محصَّل ما سبق من أول السورة الذي هو التذكير بالغاشية وما اتصل به من ذكر إعراضهم وإنذارهم ، رتب على ذلك أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالدوام على تذكيرهم وأنه لا يؤيسه إصرارهم على الإعراض وعدم ادكارهم بما ألقى إليهم من المواعظ ، وتثبيته بأنه لا تبعة عليه من عدم إصغائهم إذ لم يُبعث مُلجئاً لهم على الإِيمان .
فالأمر مستعمل في طلب الاستمرارِ والدوام .
ومفعول «ذَكِّرْ» محذوف هو ضمير يدل عليه قوله بعده { لست عليهم بمصيطر } .
وجملة { إنما أنت مذكر } تعليل للأمر بالدوام على التذكير مع عدم إصغائهم لأن { إنما } مركبة من ( أنَّ ) و ( ما ) وشأنُ ( إنَّ ) إذا وردت بعد جملة أن تفيد التعليل وتغني غَناء فاء التسبب ، واتصال ( ما ) الكافة بها لا يخرجها عن مهيعها .
والقصر المستفاد ب { إنما } قصر إضافي ، أي أنت مذكر لست وكيلاً على تحصيل تذكرهم فلا تتحرج من عدم تذكرهم فأنت غير مقصر في تذكيرهم وهذا تطمين لنفسه الزكية .