الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 101 من سورة يونس
ولما كان التأمل في ملكوت السموات والأرض، يعين على التفكير السليم، وعلى استعمال العقل فيما يهدى إلى الحق والخير، أمر الله- تعالى- الناس بالنظر والاعتبار فقال- سبحانه-: قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ....
أى: قل- أيها الرسول الكريم- لقومك: انظروا وتأملوا وتفكروا فيما اشتملت عليه السموات من شموس وأقمار، وكواكب ونجوم، وسحاب وأمطار ...
وفيما اشتملت عليه الأرض من زروع وأنهار، ومن جبال وأشجار، ومن حيوانات ودواب متنوعة.
انظروا إلى كل ذلك وتفكروا، فإن هذا التفكر يهدى أصحاب العقول السليمة إلى أن لهذا الكون إلها واحدا عليما قديرا، هو وحده المستحق للعبادة والطاعة.
وقوله: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ توبيخ للغافلين عن النظر السليم الذي يؤدى إلى الهداية.
وما نافية، والمراد بالآيات: ما أشار إليه- سبحانه- قبل ذلك بقوله: ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والنذر: جمع نذير، وهو من يخبر غيره بأمر مخوف حتى يحذره.
والمعنى: انظروا وتفكروا واعتبروا بما في السموات والأرض من آيات بينات دالة على وحدانية الخالق وقدرته..
ومع ذلك فإن الآيات مهما اتضحت، والنذر مهما تعددت، لا تجدى شيئا، بالنسبة لمن تركوا الإيمان، وأصروا على الجحود والعناد.
ويجوز أن تكون ما للاستفهام الإنكارى، فيكون المعنى وأى شيء تجدى الآيات السماوية والأرضية، والنذر بحججها وبراهينها، أمام قوم جاحدين معاندين، قد استحبوا الكفر على الإيمان؟.