الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 38 من سورة الكهف
ثم يعلن الرجل الصالح موقفه بشجاعة ووضوح، فيقول لصاحبه صاحب الجنتين:
لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي، وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً.
أى: إن كنت أنت يا هذا قد كفرت بالله الذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا، فإنى لست بكافر، ولكني أنا مؤمن، أعترف له بالعبادة والطاعة وأقول: هو الله- تعالى- وحده ربي، ولا أشرك معه أحدا من خلقه لا في الربوبية، ولا في الألوهية، ولا في الذات ولا في الصفات.
وقوله- سبحانه- في هذه الآية لكِنَّا ... أصله: «لكن أنا» أى: لكن أنا أقول هو الله ربي. فحذفت همزة «أنا» وأدغمت نون «لكن» في نون أنا بعد حذف الهمزة.
وجمهور القراء يقرءون في الوصل «لكن» بدون ألف بعد النون المشددة وقرأ أبو عامر في الوصل «لكنا» بالألف- أما في حالة الوقف فقد اتفق الجميع على إثبات الألف.
قال صاحب الكشاف: قوله: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أصله: لكن أنا فحذفت الهمزة، وألقيت حركتها على نون لكن، فتلاقت النونان فكان الإدغام، ونحوه قول القائل:
وترميننى بالطّرف أى أنت مذنب ... وتقليننى، لكنّ إياك لا أقلى
أى: لكن أنا لا أقليك.
و «هو» ضمير الشأن: أى: والشأن أن الله ربي: والجملة خبر أنا. والراجع منها إليه ياء الضمير.
فإن قلت: هو استدراك لأى شيء؟ قلت: لقوله «أكفرت..» قال لأخيه أنت كافر بالله، لكني مؤمن موحد، كما تقول: زيد غائب لكن عمرا حاضر» .