الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 76 من سورة الكهف
ويراجع موسى نفسه. فيجد أنه قد خالف ما اتفق عليه مع الرجل الصالح مرتين، فيبادر بإخبار صاحبه أن يترك له فرصة أخيرة فيقول: إِنْ سَأَلْتُكَ أيها الصديق عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أى: بعد هذه المرة الثانية فَلا تُصاحِبْنِي أى: فلا تجعلني صاحبا أو رفيقا لك، فإنك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أى: فإنك قد بلغت الغاية التي تكون معذورا بعدها في فراقي، لأنى أكون قد خالفتك مرارا.
وهذا الكلام من موسى- عليه السلام- يدلك على اعتذاره الشديد للخضر، وعلى شدة ندمه على ما فرط منه، وعلى الاعتراف له بخطئه.
قال القرطبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فقال يوما: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر على صاحبه لرأى العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي...
ثم تسوق لنا السورة الكريمة الحادث الثالث والأخير في تلك القصة الزاخرة بالمفاجآت والعجائب فنقول: