الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 9 من سورة مريم
ثم حكى- سبحانه- ما رد به على استفهام زكريا فقال: قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً.
وقوله: كَذلِكَ خبر لمبتدأ محذوف، أى: الأمر كذلك.
قال الآلوسى: وذلك إشارة إلى قول زكريا- عليه السلام- وجملة هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ مفعول قالَ الثاني وجملة «الأمر كذلك» مع جملة قالَ رَبُّكَ إلخ مفعول قالَ الأول ... ».
والمعنى: قال الله- تعالى- مجيبا على استفهام زكريا، الأمر كما ذكرت يا زكريا من كون امرأتك عاقرا، وأنت قد بلغت من الكبر عتيا، ولكن ذلك لا يحول بيننا وبين تنفيذ إرادتنا في منحك هذا الغلام، فإن قدرتنا لا يعجزها شيء، ولا تخضع لما جرت به العادات.
وهذا الأمر وهو إيجاد الولد منك ومن زوجتك هذه لا من غيرها هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ أى:
يسير سهل.
ثم ذكر له- سبحانه- ما هو أعجب مما سأل عنه فقال: وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً.
أى: لا تعجب يا زكريا من أن يأتيك غلام وأنت وزوجك بتلك الحالة، فإنى أنا الله الذي أوجدتك من العدم، ومن أوجدك من العدم، فهو قادر على أن يرزقك بهذا الغلام المذكور.
فالآية الكريمة قد ساقت بطريق منطقي برهاني، ما يدل على كمال قدرة الله- تعالى- وما يزيد في اطمئنان قلب زكريا- عليه السلام-.