الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 39 من سورة الفرقان

وقوله- تعالى-: وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ ... بيان لمظهر من مظاهر رحمة الله- تعالى-: حيث إنه- سبحانه- لا يهلك الأمم إلا بعد أن يسوق لها ما يرشدها، فتأبى إلا السير في طريق الغي والعصيان. و «كلا» منصوب بفعل مضمر يدل عليه ما بعده. فإن ضرب المثل في معنى التذكير والتحذير، والتنوين عوض عن المضاف إليه.
أى: وأنذرنا كل فريق من القرون الماضية المكذبة، وضربنا له الأمثال الحكيمة الكفيلة بإرشاده إلى طريق الحق، ولكنه استحب العمى على الهدى، والضلالة على الهداية، فكانت عاقبته كما قال- تعالى- بعد ذلك وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً.
أى: وكل قرن من هؤلاء المكذبين أهلكناه إهلاكا لا قيام له منه، وأصل التتبير:
التفتيت. وكل شيء فتته وكسرته فقد تبرته. ومنه التبر لفتات الذهب والفضة.
والمراد به هنا التمزيق والإهلاك الشديد الذي يستأصل من نزل به.