الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 11 من سورة الأحزاب
ولفظ هُنالِكَ في قوله- تعالى-: هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ: ظرف مكان للبعيد، وهو منصوب بقوله ابْتُلِيَ والابتلاء: الاختبار والامتحان بالشدائد والمصائب.
أى: في ذلك المكان الذي أحاط به الأحزاب من كل جانب، امتحن الله- تعالى- المؤمنين واختبرهم، ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه.
وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً أى: واضطربوا اضطرابا شديدا، من شدة الفزع، لأن الأعداء حاصروهم، ولأن بنى قريظة نقضوا عهودهم.
ولقد بلغ انشغال المسلمين بعدوهم انشغالا عظيما، حتى أنهم لم يستطيعوا أن يؤدوا بعض الصلوات في أوقاتها، وقال بعض الصحابة: يا رسول الله، ما صلينا، فقال لهم صلّى الله عليه وسلم:
«ولا أنا، والله ما صليت ثم قال: شغلنا المشركون عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقلوبهم نارا» .
وخرجت طليعتان للمسلمين ليلا، فالتقتا- دون أن تعرف إحداهما الأخرى- فتقاتلا.
وحدث بينهم ما حدث من جراح وقتل، ولم يشعروا أنهم من المسلمين، حتى تنادوا بشعار الإسلام: «حم. لا ينصرون» ، فكف بعضهم عن بعض.
فلما بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: «جراحكم في سبيل الله ومن قتل منكم فإنه شهيد» .