الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 32 من سورة ص

ثم حكى- سبحانه- ما قاله سليمان- عليه السلام- خلال استعراضه للخيول الصافنات الجياد على سبيل الشكر لربه، فقال- تعالى-: فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ.
والخير: يطلق كثيرا على المال الوفير، كما في قوله- تعالى-: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ. والمراد به هنا: الخيل الصافنة الجيدة، والعرب تسمى الخيل خيرا، لتعلق الخير بها، روى البخاري عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» .
وعَنْ هنا تعليلية. والمراد ب ذِكْرِ رَبِّي طاعته وعبادته والضمير في قوله حَتَّى تَوارَتْ يعود إلى الخيل الصافنات الجياد، والمراد بالحجاب: ظلام الليل الذي يحجب الرؤية.
والمعنى: فقال سليمان وهو يستعرض الخيل أو بعد استعراضه لها: إنى أحببت استعراض الصافنات الجياد، وأحببت تدريبها وإعدادها للجهاد، من أجل ذكر ربي وطاعته وإعلاء كلمته، ونصرة دينه، وقد بقيت حريصا على استعراضها وإعدادها للقتال في سبيل الله، حتى توارت واختفت عن نظري بسبب حلول الظلام الذي يحجب الرؤية