الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 30 من سورة الأحقاف
قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى ... أى: وبعد أن انصرفوا إلى قومهم منذرين، ووصلوا إليهم. قالوا لهم: يا قومنا إنا سمعنا كتابا عظيم الشأن، جليل القدر، أنزل من بعد نبي الله- تعالى- موسى- عليه السلام-.
وهذا الكتاب مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ أى: مصدقا لما قبله من الكتب وهو- أيضا- يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ الذي لا يحوم حوله الباطل، ويهدى- أيضا- إِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ أى: إلى طريق قويم واضح يصل بأتباعه إلى السعادة.
قال الآلوسى: قوله: أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى ذكروه دون عيسى- عليهما السلام-لأنه متفق عليه عند أهل الكتابين، ولأن الكتاب المنزل عليه أجل الكتب قبل القرآن، وكان عيسى مأمورا بالعمل بمعظم ما فيه أو بكله.
وقال عطاء: لأنهم كانوا على اليهودية، وهذا القول يحتاج إلى نقل صحيح.
وعن ابن عباس: أن الجن لم تكن سمعت بعيسى، فلذا قالوا ذلك. وفي هذا القول بعد، فإن اشتهار أمر عيسى، وانتشار أمر دينه، أظهر من أن يخفى، لا سيما على الجن، ومن هنا قال أبو حيان: إن هذا لا يصح عن ابن عباس .