الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 57 من سورة الأنعام
البينة: الدلالة الواضحة من بان يبين إذا ظهر، أو الحجة الفاصلة بين الحق والباطل على أنها من البينونة أى الانفصال.
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يريدون منك اتباع أهوائهم كيف يتأتى لي ذلك وأنا على شريعة واضحة وملة صحيحة لا يعتريها شك، ولا يخالطها زيغ لأنها كائنة من ربي الذي لا يضل ولا ينسى.
والتنوين في كلمة بَيِّنَةٍ للتفخيم والتعظيم، وهي صفة لموصوف محذوف للعلم به في الكلام، أى: على حجة بينة واضحة محقة للحق ومبطلة للباطل فأنا لن أتزحزح عنها أبدا.
وفي ذلك تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا على بصيرة من أمرهم، وإنما هم قد اتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وجملة وَكَذَّبْتُمْ بِهِ في موضع الحال من بَيِّنَةٍ وهي تفيد التعجب منهم حيث كذبوا بما دلت عليه البينات، واتفقت على صحته العقول السليمة.
والضمير في قوله بِهِ يعود على الله- تعالى- أى: وكذبتم بالله مع أن دلائل توحيده ظاهرة واضحة.
وقيل: يعود على البينة والتذكير باعتبار أنها بمعنى البيان.