الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 43 من سورة القلم
وقوله : ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ . . . ) حال من فاعل ( يدعون ) وخشوع الأبصار : كناية عن الذلة والخوف الشديد ، ونسب الخشوع إلى الأبصار ، لظهور أثره فيها .
أى : هم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ذلك . لأنه - تعالى - سلب منهم القدرة عليه ، ثم يساقون إلى النار ، حالة كونهم ذليلة أبصارهم ، منخفضة رءوسهم . .
( تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) أى : تغشاهم وتعلوهم ذلة وانكسار . .
( وَقَدْ كَانُواْ ) فى الدنيا ( يُدْعَوْنَ إِلَى السجود ) لله - تعالى - ( وَهُمْ سَالِمُونَ ) أى : قادرون على السجود له - تعالى - ، ومتمكنون من ذلك أقوى تمكن . . ، ولكنهم كانوا يعرضون عمن يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - ، ويستهزئون به . .
قال الإِمام انب كثير ما ملخصه : قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ . . . ) يعنى يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال ، والزلازل ، والبلايا ، والامتحان ، والأمور العظام . .
روى البخارى عن أبى سعيد الخدرى قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره ، طبقا واحدا - أى : يصير ظهره كالشئ الصلب فلا يقدر على السجود- .
وعن ابن عباس قال : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ) : وهو يوم كرب وشدة . .