الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 37 من سورة الأعراف
أى: لا أحد أشد ظلما ممن افترى الكذب على الله، بأن أحل ما حرمه أو حرم ما أحله، أو كذب بآياته المنزلة على أنبيائه، والاستفهام في قوله: فَمَنْ أَظْلَمُ للإنكار.
ثم بين- سبحانه- عاقبتهم فقال: أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ.
أى: أولئك الذين كذبوا بآيات الله سينالهم نصيبهم مما كتب لهم وقدر من رزق وأجر، وخير وشر، والمراد بالكتاب، كتاب الوحى الذي أنزل على الرسل، فإنه يتضمن ما أعده الله للمؤمنين من ثواب وما أعده للكافرين من عقاب، وقيل المراد به اللوح المحفوظ، أى أولئك ينالهم نصيبهم المكتوب لهم في كتاب المقادير، وهو: اللوح المحفوظ.
ثم صور القرآن حالهم عند قبض أرواحهم فقال: حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ، قالُوا: أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ قالُوا: ضَلُّوا عَنَّا، وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ.
أى: أولئك المفترون ينالهم نصيبهم الذي كتب لهم مدة حياتهم، حتى إذا ما انتهت آجالهم وجاءتهم ملائكة الموت لقبض أرواحهم سألتهم سؤال توبيخ وتقريع: أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا، وتزعمون أنها شفعاؤكم عند الله لكي تنقذكم من هذا الموقف العصيب؟
وهنا يجيب المشركون على الملائكة بقولهم بحسرة وندامة: ضَلُّوا عَنَّا أى: غابوا عنا وصرنا لا ندري مكانهم، ولا نرجو منهم خيرا أو نفعا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين بعبادتهم لغير الله الواحد القهار.
وهنا يصدر عليهم قضاء الله العادل الذي صوره القرآن في قوله: