الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 2 من سورة النبأ

وقوله - تعالى - : ( عَنِ النبإ العظيم ) تهويل لشأن هذا الأمر الذى يتساءلون فيما بينهم عنه ، ووصف - سبحانه - النبأ بالعظم ، زيادة فى هذا التهويل والتفخيم من شأنه ، لكى تتوجه إليه أذهانهم ، وتلتفت إليهم أفهامهم .
فكأنه - سبحانه - يقول : عن أى شئ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا؟ أتريدون أن تعرفوا ذلك على سبيل الحقيقة؟ ما بين منكر له إنكارا تاما ، كما حكى - سبحانه - عنهم فى قوله : ( إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ) وما بين مترد فى شأنه ، كما حكى - سبحانه - عن بعضهم فى قوله : ( وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ الله حَقٌّ والساعة لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا الساعة إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) قال صاحب الكشاف قوله : ( عم ) أصله عما ، على أنه حرف جر ، دخل على ما الاستفهامية .
ومعنى هذا الاستفهام : تفخيم الشأن ، كأنه قال : عن أى شئ يتساءلون . ونحوه ما فى قولك : زيد ما زيد؟ جعلته لانقطاع قرينه ، وعدم نظيره ، كأنه شئ خفى عليك جنسه . فأنت تسأل عن جنسه ، وتفحص عن جوهره ، كما تقول : ما الغول وما العنقاء . . ؟
و ( يَتَسَآءَلُونَ ) يسأل بعضهم بعضا . . والضمير لأهل مكة ، فقد كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث .
وقوله : ( عَنِ النبإ العظيم ) بيان للشأن المفخم .