الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 21 من سورة الفجر

وبعد هذا الزجر والردع لهم، لسوء أقوالهم وأفعالهم، أخذت السورة الكريمة في زجرهم وردعهم عن طريق تذكيرهم بأهوال الآخرة فقال: - تعالى-: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا. وقوله- تعالى-: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ردع لهم وزجر عن أفعالهم السابقة، وهي عدم إكرام اليتيم، وعدم الحض على طعام المسكين.
وقوله: دُكَّتِ الْأَرْضُ من الدك: بمعنى الكسر والدق والزلزلة الشديدة، والتحطيم الجسيم، وانتصب لفظ «دكا» الأول على أنه مصدر مؤكد للفعل، وانتصاب الثاني على أنه تأكيد للأول. وقيل: تكرار «دكا» للدلالة على الاستيعاب، كقولك: قرأت النحو بابا بابا، أى: قرأته كله.
قال القرطبي: قوله- تعالى-: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ ... أى: ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. فهو رد لانكبابهم على الدنيا، وجمعهم لها، فإن من فعل ذلك يندم يوم تدك الأرض، ولا ينفعه الندم، والدك: الكسر والدق، أى: زلزلت وحركت تحريكا بعد تحريك.
وقوله: دَكًّا دَكًّا أى: مرة بعد مرة، زلزلت فكسر بعضها بعضا فتكسر كل شيء على ظهرها.. .