الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 3 من سورة الفجر
وأقسم- سبحانه- ثالثا ورابعا بقوله: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ والشفع: ما يكون ثانيا لغيره، والوتر: هو الشيء المنفرد.
وقد ذكر المفسرون في المراد بهذين اللفظين أقوالا متعددة، فمنهم من يرى أنهما يعمان كل الأشياء شفعها ووترها، ومنهم من يرى أن المراد بالشفع: يوم النحر، لكونه اليوم العاشر من ذي الحجة، وأن المراد بالوتر: يوم عرفة، لأنه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة. ومنهم من يرى أن المراد بهما: الصلاة المكتوبة، ما كان منها شفعا، كصلاة الظهر والعصر والعشاء والصبح، وما كان منها وترا كالمغرب.
ومنهم من يرى أن المراد بالشفع: جميع المخلوقات، وبالوتر: الله- تعالى- الواحد الصمد.
وقد رجح بعض العلماء هذا القول فقال ما ملخصه: والواقع أن أقرب الأقوال عندي- والله أعلم-. أن المراد بالوتر، هو الله- تعالى-، للحديث: «إن الله وتر يحب الوتر» ، وما سواه شفع.. لأنه ثبت علميا أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط، حتى الحصاة الصغيرة، فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات، والذرة لها نواة ومحيط.
ولهذا كان القول بأن الوتر هو الله، وبأن الشفع: جميع المخلوقات.. هو الراجح، وهو الأعم في المعنى.. .