الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 5 من سورة القدر

وقوله- تعالى-: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ بيان لمزية ثالثة من مزايا هذه الليلة، وقوله سَلامٌ مصدر بمعنى السلامة، وهو خبر مقدم، وهِيَ مبتدأ مؤخر، وإنما قدم الخبر تعجيلا للمسرّة، وقد أخبر عن هذه الليلة بالمصدر على سبيل المبالغة، أو على سبيل تأويل المصدر باسم الفاعل، أو على تقدير مضاف ... والمراد بمطلع الفجر: طلوعه وبزوغه.
أى: هذه الليلة يظلها ويشملها السلام المستمر، والأمان الدائم، لكل مؤمن يحييها في طاعة الله- تعالى- إلى أن يطلع الفجر، أو هي ذات سلامة حتى مطلع الفجر، أو هي سالمة من كل أذى وسوء لكل مؤمن ومؤمنة حتى طلوع الفجر.
هذا وقد أفاض العلماء في الحديث عن فضائل ليلة القدر، وعن وقتها. وعن خصائصها ...
وقد لخص الإمام القرطبي ذلك تلخيصا حسنا فقال: وهنا ثلاث مسائل:
الأولى: في تعيين ليلة القدر ... والذي عليه المعظم أنها ليلة سبع وعشرين ... والجمهور على أنها في كل عام من رمضان ... وقيل: أخفاها- سبحانه- في جميع شهر رمضان، ليجتهدوا في العمل والعبادة طمعا في إدراكها.
الثانية: في علاماتها: ومنها أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.
الثالثة: في فضائلها ... وحسبك قوله- تعالى- لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وقوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها وفي الصحيحين «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ... » .
نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من المنتفعين بهذه الليلة المباركة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.