قاعدة الإعداد في مواجهة التصهيُن

لم تكون معركة طوفان الأقصى مجرد مواجهة عسكرية كسابقاتها فقد فضحت رسائل التضخيم الاعلامي التي تواصل الدفاع عن جيش الكيان والترهيب من قدراته ماهي إلا جزء من منظومة التهالك والتصهين

لم تكون معركة طوفان الأقصى مجرد مواجهة عسكرية كسابقاتها بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، بل إنها مدرسة أثمر إنتاجها بعد عقود من الإعداد والتمكين. وإليكم عناوينها البارزة..

أولا.. نجحت المقاومة في قطاع غزة في الانغماس مع قاعدتها الشعبية وجعلتها حاضنتها الرئيسية في الدعم البشري والمادي وسندها المعنوي في المعارك والأزمات.. بل كانت جيشها في حربها الإعلامية وفق قاعدتين الأولى دينية أصَّلها البعد العقدي المتأصل في هوية المقاومة في فلسطين والوطنية التي أخذت في تأثيرها بعدًا قوميًا وحدت الشارع الفلسطيني خلفها..

ثانيًا: نفت كل محاولات الانهزام السابقة التي حاول المطيع الفلسطيني والعربي الترويج لها باعتبارها أنجح أدوات مواجهة المخرز الصهيوني وكشفت أن قاعدة الإعداد التي نص عليها قرآننا الكريم هي أهم قواعد النصر والتمكين مهما شحت الإمكانات وعز النصير؛ فهي أهم  شواهد التوكل على الله عز وجل لذلك وعلى مدار ٤٠ عامًا منذ انطلاق الجهاد كفكرة تحرر وخلاص في فلسطين بديلاً عن الخطاب الوطني الذي تبنته الحركة الفلسطينية ممثلة بحركة فتح  واليسار بشكل عام، فإن المقاومة نجحت من خلال هويتها الدينية الاستثمار في تكون وإعداد جيل يقود المعركة ويواصل التجهيز لحرب التحرير، كما أنه استطاع إظهار ثباته ووحدة مشروعه ووضوح هدفه منذ انطلاق الانتفاضة الأولى مروراً بحرب ٢٠٠٨ و٢٠٠٦ و ٢٠١٤ و٢٠٢١  وحتى طوفان الأقصى التي أظهرت نتاج هذه الثمرة المباركة وقدرتها على الاستمرار والبقاء.

ثالثا: فضحت هذه المعركة جيش الكيان الصهيوني في مقارنة بسيطة ذات دلالات عميقة أهمها أن رسائل التضخيم الاعلامي التي تواصل الدفاع عن جيش الكيان والترهيب من قدراته ماهي إلا جزء من منظومة التهالك والتصهين التي قادت طرد الفلسطينيين من أرضهم في عام ٤٨ وضيقت الخناق عليهم طوال ٧٥ عاما.. فمن تفاصيل المواجهة التي تمكنت خلالها مجموعات ذات تخصصات عسكرية مختلفة بأسلحة خفيفة لا يتجاوز تعدادها ١٢٠٠ شخص من السيطرة على جميع القواعد العسكرية التابعة الاحتلال في محيط غزة بعمق يصل إلى ٢٥ كيلومتر مربع..

رابعًا: فضحت هذه المعركة النظام السياسي الغربي وكشفت المعركة الدينية التي يخوضها قادته باسم الحرب على الإرهاب؛ وفقاً لما صرح به السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام.. فقدت حولت المنظومة الغربية بصورة عاجلة كل دعمها العسكري من أوكرانيا ووجهته الي غزة لتعزيز قدرات الجيش الصهيوني الذي يتصدر في هذه المعركة التي هددت مستقبل وجود النفوذ الغربي في المنطقة. وهنا يظهر بوضوح أهمية المشروع الصهيوني كجزء من أدوات السيطرة على العالم الإسلامي.

خامسًا: صمدت المقاومة سابقا في حروب استمرت ٥٠ يومًا، وبرهنت أنها تمتلك القدرة على المراوغة التصدي لآلة الحرب الصهيوني وقد نجحت سابقاً في إدارة المعركة بجدارة لكن الدعم المفتوح من قبل الغرب جعل آلة الحرب الصهيوني تستمر في الضغط على المقاومة من خلال التركيز على استهداف المدنيين ومنع الاحتياجات الأساسية عن السكان حتى أن النخب السياسية الغربية بررت للكيان الصهيوني أفعاله التي تتعارض مع القانون الدولي الذي يبرر الغرب تدخلاته العسكرية بمظلته، لذلك سعى وزير الخارجية الأمريكي طوني بلينكن بين العواصم العربية لضرب مشروع المقاومة وتعريتها سياسيًا وصنع أزمة انسانية من خلال محاصرتها واستنزاف مواردها ومنع مصر من إدخال المساعدات إلا أن المقاومة نجحت بفرض معادلة وهي أن يتم السماح بسفر حملة الجوازات الأجنبية مقابل إدخال المساعدات لقطاع غزة.

سادساً: تمكنت هذه المواجهة والتي يمكن التكهن بنتائجها حالياً بفضل صمود السكان في قطاع غزة وقدرتهم على التأقلم مع الواقع الذي فرضته المقاومة على المحتل من خلال رفض مخطط التهجير وفرض معادلة جديدة وهي إسقاط هيبة الجيش الصهيوني في منطقة عمقها 30 كيلومتر في محيط قطاع غزة، والتأصيل لمسار سياسي جديد في التعاطي مع قطاع غزة ووضع قواعد جديدة أمام منظومة التطبيع التي تحاول واشنطن ترميمها في العالم العربي من خلال التأكيد على أنه لا يمكن تجاوز الفلسطيني كرقم صعب في هذه المعادلة التي يراد منها تصفية القضية الفلسطينية.

 ___________________________________________________
الكاتب:
 أحمد الفقي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *