قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:115].
ومن أبرز سمات أهل السنة لزومهم جماعة المسلمين وإمامهم، وعدم شق عصا الطاعة؛ قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:115].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ت 57هـ) – رضي الله عنه – عَن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ فَماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً، ومَن قاتَلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أوْ يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ، ومَن خَرَجَ علَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّها وفاجِرَها، ولا يَتَحاشَى- وفي رواية: لا يَتَحاشَ- مِن مُؤْمِنِها، ولا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فليسَ مِنِّي ولَسْتُ منه» [1].
وعنه – رَضيَ اللهُ عنه – أيضًا عنِ النَّبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «إنَّ اللهَ يُرضَى لكم ثَلاثًا ويَكرهُ لكم ثَلاثًا: فيَرضَى لكم أن تَعبُدوهُ، ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تَعتَصِموا بحَبلِ اللهِ جَميعًا ولا تَفَرَّقوا، ويَكرَهُ لكم قيلَ وقال، وكَثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ» [2].
قال النَّوَويُّ (ت: 676هـ)– رحمه الله -: (أمَّا قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ولا تَفَرَّقوا»، فهو أمرٌ بلُزومِ جَماعةِ المُسلِمينَ، وتَألُّفِ بَعضِهم ببَعضٍ، وهذه إحدَى قَواعِدِ الإسلامِ[3].
وعن زيدِ بنِ ثابِتٍ (ت: 45هـ) – رَضيَ اللهُ عنه – أنَّ رَسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – قال: «ثَلاثُ خِصالٍ لا يَغِلُّ عليهِنَّ قَلبُ مُسلِمٍ أبَدًا: إخلاصُ العَمَلِ للهِ، ومُناصَحةُ ولاةِ الأمرِ، ولُزومُ الجَماعةِ؛ فإنَّ دَعوَتَهم تُحيطُ مِن وَرائِهم» [4].
عن أبي عامر عبد الله بن لحي الهوزني الحمصي(ت:71هـ) – رحمه الله- قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر، فقال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة – يعني: الأهواء– كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تُجارى بهم تلك الأهواءُ كما يتجارى الكَلَب بصاحبه[5] لا يبقى منه عرق ولا مَفصِل إلا دخله» [6].
[1] رواه مسلم: (1848).
[2] رواه مسلم (1715).
[3] شرح مسلم: (12/11).
[4] رواه ابن ماجه (230)، وأحمد (21590) مطولًا؛ صحَّحه ابن حبان في((صحيحه)) (67)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (230)، والوادعي في((الصَّحيح المسند)) (358)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (21590).
[5] الكَلَب: داء يعرض للإنسان من عض الكلب، وهو داء يصيب الكلب فيصيبه شبه الجنون، فلا يعض أحدًا إلا كلب، ويعرض له أعراض ردية، ويمتنع من شرب الماء حتىيموت عطشًا. ينظر: عون المعبود (10/ 116).
[6] رواه أحمد (16937)، وأبو داود (4597)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2641).
____________________________________________________________
الكاتب: الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
Source link