الرزقُ له أسباب مادية، وأسباب شرعية، المادية الكثير منا يعرفها؛ أما الأسباب الشرعية، فما أجمل أن نطبِّقَها، وأن نتعلمها، ونُعلِّمها الناس، الثابتة في الكتاب والسنة…
بسم الله الرحمن الرحيم
الرزقُ له أسباب مادية، وأسباب شرعية، المادية الكثير منا يعرفها؛ مثل: التجارة، والزراعة، وغيرها، ولكن يجب علينا أن نأخذ بالأسباب، ونرضى بما قسمه الله لنا، أما الأسباب الشرعية، فما أجمل أن نطبِّقَها، وأن نتعلمها، ونُعلِّمها الناس، الثابتة في الكتاب والسنة؛ يقول الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]، ويقول تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].
هذه الأسباب العشرة أسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
من الأسباب الشرعية للرزق:
أولًا: الاستغفار:
كلنا نعرفه لكن يا تُرى هل نحن نطبقه؟ يقول ربنا عز وجل: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 – 12].
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لَزِمَ الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فَرَجًا، ورَزَقَهُ من حيث لا يحتسب»؛ (رواه أبو داود).
ثانيًا: تقوى الله تعالى:
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، ويقول عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96]، وتقوى الله مفتاح لكل خير، والذنوب مفتاح لكل شر، وهي من أسباب منع الرزق.
ثالثًا: التوكل على الله:
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم توكلتم على الله حقَّ توكله، لَرَزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصًا، وتروح بطانًا»؛ (رواه الترمذي).
رابعًا: التفرغ لعبادة الله:
بمعنى: وقت الصلاة صلاة، ووقت الحج حج، ووقت الصيام صيام؛ أي: كل عبادة تؤدَّى في وقتها، وإذا نادى المنادي: (الله أكبر)، تتجه إلى الصلاة، وتترك كل شيء يشغلك عنها؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: يا بن آدم، تفرَّغ لعبادتي، أملأ صدرك غِنًى وأسُدَّ فقرك، وإلا تفعل، ملأتُ يديك شغلًا، ولم أسُدَّ فقرك»؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
خامسًا: المتابعة بين الحج والعمرة:
قال صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة»؛ (رواه الترمذي).
سادسًا: صلة الأرحام:
قال صلى الله عليه وسلم: «من سَرَّه أن يُبسَط له في رزقه، أو يُنسأ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه»؛ (رواه البخاري)، والبسط في الرزق كثرته ونماؤه، وسَعَتُه وبركته، وزيادته زيادة حقيقية، وسُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: هل الاتصال للأقارب يُعَدُّ من صلة الرحم، فقال: نعم.
سابعًا: الدعاء:
قال صلى الله عليه وسلم: «ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيَه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر»؛ (أخرجه البخاري ومسلم)، ويقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وعن علي رضي الله عنه أن مكاتَبًا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعنِّي، قال: ألَا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبلِ صِيرٍ دَينًا، أدَّاه الله عنك، قال: قل: «اللهم اكْفِني بحلالك عن حرامك، وأغْنِني بفضلك عمن سواك»؛ (حسنه الألباني في صحيح الترمذي).
ثامنًا: الهجرة:
بعض الناس يمكث سنواتٍ في نفس المدينة، وحاله كما هو، أنصحك أن تُغيِّرَ المدينة التي أنت فيها؛ لعل الله يفتح عليك في الرزق في مكان آخر، وكم من إنسان كان ضيق المعيشة في بلده، وانتقل إلى بلد آخر، ففتح الله عليه الرزق! يقول الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100].
تاسعًا: البُكُور:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لأُمَّتِي في بكورها»؛ (رواه الترمذي)، والبكور: هو الصباح؛ لأن الأرزاق تُقسَّم وقت الفجر بعد الصلاة، وليس وقت النوم.
عاشرًا: الصلاة:
يقول الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، أين نحن من هذا الخير العظيم؟ يا من ثقلت عليه الديون والهموم، وقلة المال، أوصيك أن تتوضأ، ثم صلِّ وأطِلْ في سجودك، واطلب من ربك خيري الدنيا والآخرة، إن الصلاة مفتاح لكل خير، ويبارك الله لك في الرزق الحلال.
اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك، اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي.
______________________________________________________
الكاتب: الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
Source link