أعلم أنه أمر صعب على نفسية كلا الطرفين أن تصبح وحيدا بعد ما شعر بالدفىء الأسرى ولو لأوقات قليلة فى فترة الزواج
نعم قد وقع الطلاق ولكنه ليس نهاية الحياة فالزواج مرحلة مرت بحسناتها وسيئاتها سواء كان السبب الزوجة أم الزوج فى حدوث الطلاق فى النهاية قد وقع الطلاق …..
أعلم أنه أمر صعب على نفسية كلا الطرفين أن تصبح وحيدا بعد ما شعر بالدفىء الأسرى ولو لأوقات قليلة فى فترة الزواج
أعلم أنه قرار صعب يحسب له الحسابات فما بين خوف من نظرة المجتمع وإلقاء اللوم على الزوجة وتحميلها ا المسئولية وترى هذه تقول لك “ولما لم تتحملى كما تحملت فلانة وعلانة ” فقد صبروا على أزواج سيئين …… نعم هؤلاء صبروا لكن ليس لنا جميعا نفس القدرة على التحمل فهناك من تصبر على زوج سىء الخلق أو يضرب وهناك من لا تصبر نحن مختلفون فى قدرات التحمل
إنه شعور بالذنب يضيق عليها الحياة ويخنقها حتى تجد نفسها تهرب من التجمعات العائلية والمناسبات حتى لا يلومها القريب والبعيد وتتلقى نظرات الإتهام أنها السبب فى هدم بيتها
ولنتذكر أن الطلاق ليس محرم فى الإسلام حتى إن هناك سورة كاملة تسمى بالطلاق وهناك آيات فى سور عدة تتحدث عن كيف تسير الحياة بعد الطلاق إذ يقول :” { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)} ” وقال تعالى :” {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ”} فلم يحرم الطلاق بل قد يكون الطلاق حل فى بعض الأحيان إذا استحالت الحياة وإذا كانت المرأة تخشى الطلاق لأنها تفكر كيف تنفق على أولادها وأين ستذهب بهم فإن الله عزوجل يطمئنها على مستقبلها فهو القادر أن يغنيها من فضله فهو الواسع وإنه لحكيم فى تشريعه فإذا حدث شقاق بين الزوجين وحلت الكراهية والنفرة محل الود والرحمة فإن الدواء لمثل هذه الحالة الطلاقوهناك شعور آخر بالفقد الذى ينتج عنه عدم الإتزان فى المشاعر وعدم الإقبال على أى عمل جديد أو خطوة إيجابية فى الحياة ورغبة فى الانتقام من الطرف الثانى كيف يعرضنى لهذا الموقف أمام الناس ويتركنى وحدى فى مواجهتهم وقد تترجم هذا الانتقام فى سرعة الزواج من جديد لاثبات للطرف الثانى أنه لا يهمه الأمر وأنه يعيش حياته طبيعى من دونه
وشعور آخر بالخوف من المستقبل ماذا بعد هذه التجربة ؟ هل تستطيع أن تكمل الحياة بمفردها هى وأبناءها ؟
أم ستتزوج مرة آخرى ؟ وإذا خلت تراها تشعر بالخوف من الفشل فى التجربة الجديدة وما مصير الأولاد وهل ستستطيع تحمل العبأ المادى بمفردها هذه الضغوط التى بدورها تدفعها للعصبية أحيانا فى التعامل مع الأولاد وتحميلهم عبأ انها ضحت من أجلهم ولم تتزوج من جديد
كما ينتابها شعور بالوحدة وعدم الثقة فى أحد فالكل تخلى عنها وقت المحنة أو اسمعوها ما لا تحب حتى أقرب المقربين الكل يلومها وفقط وقد يكون الأب أو الأم سبب فى الطلاق فى البداية وهو المشجع عليه فإذا وقع الطلاق تراهم لا يرحبون بوجودها هى وأولادها ويعتبرونها عبأ مادى ومعنوى عليهم إذ كيف ينظر الناس لهم بعد طلاق بنتهم
كل ذلك يدفعها لمعاتبة النفس يا ليتنى يا ليتنى وهل كنت المخطئة عندما اتخذت القرار ؟
تعاملى مع الأمر على أنه قد مضى وانتهى وننظر إلى المستقبل فإن لم توفقى فى الزواج ابحثى عن شىء آخر توفقى فيه
فالزواج محطة من محطات الحياة وسيلة للتقرب الى الله وعبادته إذ يقول تعالى :” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ” ووسيلة لاعفاف النفس وإنجاب ذرية صالحة فهو فى النهاية وسيلة وليس غاية فى الحياة حتى إن انتهى تنتهى الحياة بأكملها
نعم الطلاق محنة علينا أن نتعامل معها بمبدأ عسى أن تحبوا وعسى أن تكرهوا فقد تكشف لنا عن عيوبنا لنصلحها ونتفادى الوقوع فيها فى المرة القادمة
نعم قرار الطلاق حتى وإن كان برغبة الطرفين فهو قرار مؤلم وشعور بالفقد وعدم الأمان
ف تجنبى الحديث عن الماضى فما مضى مضى وانتهى تجاوزى هذه المرحلة وكونى صادقة مع نفسك وكفى عن لوم الآخرين أو لوم نفسك على شىء قد كتبه الله عليك
اسمحى للمشاعر السلبية أن تأخذ وقتها حتى تزول فما تشعرين به أمر طبيعى
انظرى للأمر من وجه نظر محايدة وكأنك خارج الدائرة وتعلمى من أخطاء الماضى فكل منا له أخطاءه مهما كان فقد يكون الخطأء فى الاختيار من البداية
ماذا تعلمت من الماضى لتصنعى سعادتك المستقبلية وتذكرى أن هناك أوقات ممتعة مضت وكان هناك أولاد خرجت بهم من التجربة
استثمرى هذه المحنة لتحسنى من علاقتك بأولادك أو تدخلى مشروع جديد يصبح لك دخل منه وتجدى نفسك فيه
الدخول فى علاقات إجتماعية صحية وصحبة صالحة تعينك على اجتياز هذه المرحلة حتى لا تقع فى دائرة الاكتئاب والحزن أوالانشغال بعمل خيرى “الاشتراك فى جمعية خيرية ” فمن يسعى على حوائج الناس يقضى الله له حاجاته أو حفظ قرآن أو إكمال دراسة والحصول على درجة علمية تؤهلك لعمل ينفع الناس أو تنمية هواية لديك مثل الكتابة أو الأشغال اليدوية
ليس عيبا أن تطلبى مساعدة من مستشار نفسى ومتخصص فى العلاقات الأسرية ليساعدك على التخلص من المشاعر السلبية دون أن يمارس دور القاضى ويصدر الأحكام عليك
لا تتسرعى فى الارتباط من جديد إلا بعد فترة حتى تطيب الجراح ويكون قرارك ليس متأثر بمشاعرك السلبية
أما بالنسبة للأطفال فقد يواجهون صعوبة فى التعايش بعد الانفصال بين مشاكل فى النوم والتبول اللاإرادى عند الأطفال أقل من خمس سنوات بينما المراهقون يشعرون بعدم الأمان والحزن وقد يؤدى بهم إلى سلوكيات فيها من المخاطرة كالسرقة أو الإدمان و بعضهم يلحد ويكون السبب خلافات أسرية
من هنا تبدأ الأم فى مساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم وما يشغل بالهم من مخاوف وإفهامهم إن كانت العلاقة الزوجية قد انتهت فإن علاقتهم بهم كأبوين لم تنته وأنها ستظل تحبه وأنه غير مسئول عن نجاح العلاقة بين والديه وأن الانفصال ليس مسئولية الأولاد الطلاق مع مراعاة عدم تشوية صورة الاب للطفل والمحافظة على الاحترام المتبادل بينهم وتخطىء المشاعر السلبية من اجل اولادهما
هناك من الأطفال من هم على درجة عاليه من الذكاء فقد يستغلوا الطلاق والفرقة بين الزوجين فى ابتزازهم ماديا وعاطفيا مثل أن ياتى الطفل للأب فيقول له ” إن لم تفعل لى كذا سأتركك وأعيش مع امى ” لا تستجبوا لهذا الأسلوب وقوموه فالتدليل الزائد للأولاد بعد الطلاق أمر يجعل منه إنسان غير سوى يبتز الأم أو الأب عاطفيا ليأخذ منه ما يريد ويستغل الخلافات بينهم لتحقيق مطالبه فلا تدلل ابنك ظنا منك أنك تعوضه عن فقدا ن الطرف الآخر
عليك أن تؤمنى بالقدر خيره وشره وتثقى فى ربك وأن تستثمرى المحنة وتحوليها إلى منحة من الله واختبار لإيمانك وتجديد العلاقة مع الله من جديد فهى مصدر السعادة فى الحياة ولا تعتمدى أن هناك من سيجلب لك السعادة سوى أن ترتبطى بالله لتزداد ثقتك به ويربط على قلبك ويخرجك من ظلمات الحزن واليأس لنور الامل فى حياة جديدة سعيدة
Source link