قال الأعمَشُ: (إنِّي لأحِبُّ أن أُعافى في إخواني؛ لأنَّهم إن بُلُوا بُلِيتُ معهم؛ إمَّا بالمواساةِ وفيها مَؤونةٌ، وإمَّا بالخِذْلانِ وفيه عارٌ) .
– عن أنَسٍ أنَّ أبا طلحةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: (غُشِينا ونحن في مصافِّنا يومَ أحُدٍ، حَدَّث أنَّه كان فيمن غَشِيه النُّعاسُ يومَئذٍ، قال: فجَعَل سَيفي يسقُطُ من يدي وآخُذُه، ويسقُطُ مِن يدي وآخُذُه، والطَّائفةُ الأُخرى المُنافِقون ليس لهم هَمٌّ إلَّا أنفُسُهم، أجبَنُ قومٍ، وأرعَبُه وأخذَلُه للحَقِّ) البخاري (4562) مختصَرًا. ” data-original-title=”” title=””> .
– وقال أبو عُبَيدةَ مَعمَرُ بنُ المُثَنَّى: (مَرَّ قَيسُ بنُ زُهَيرٍ ببِلادِ غَطَفانَ، فرأى ثروةً وعَددًا، فكَرِهَ ذلك، فقيل له: أيسوءُك ما يَسُرُّ النَّاسَ؟! قال: إنَّك لا تدري أنَّ مع النِّعمةِ والثَّروةِ التَّحاسُدَ والتَّخاذُلَ، وأنَّ مع القِلَّةِ التَّحاشُدَ والتَّناصُرَ) .
– وقال الأعمَشُ: (إنِّي لأحِبُّ أن أُعافى في إخواني؛ لأنَّهم إن بُلُوا بُلِيتُ معهم؛ إمَّا بالمواساةِ وفيها مَؤونةٌ، وإمَّا بالخِذْلانِ وفيه عارٌ) .
– وقال الغزاليُّ: (حَقُّ الأُخُوَّةِ التَّشميرُ في الحمايةِ والنُّصْرةِ … فأخسِسْ بأخٍ يراك والكِلابُ تفتَرِسُك وتُمَزِّقُ لُحومَك وهو ساكِتٌ لا تحَرِّكُه الشَّفَقةُ والحَمِيَّةُ للدَّفعِ عنك! وتمزيقُ الأعراضِ أشَدُّ على النُّفوسِ من تمزيقِ اللُّحومِ؛ ولذلك شَبَّهَه اللَّهُ تعالى بأكلِ لُحومِ المَيتةِ، فقال: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا [الحجرات: 12] ) .
– ولمَّا حضَرَت عبدَ اللَّهِ بنَ شَدَّادٍ الوفاةُ دعا ابنَه محمَّدًا فقال له: (يا بُنَيَّ، أرى داعيَ الموتِ لا يُقلِعُ، ومَن مضى منَّا لا يرجِعُ، ومَن بَقِيَ فإليه يَنزِعُ، وليس أحدٌ عليه بمُمتَنِعٍ؛ وإنِّي أوصيك يا بُنَيَّ بوَصيَّةٍ فاحفَظْها: عليك بتقوى اللَّهِ العظيمِ… وليكُنْ إخوانُك وأهلُ بطانتِك أُولي الدِّينِ والعَفافِ والمروءاتِ والأخلاقِ الجميلةِ؛ فإنِّي رأيتُ إخوانَ المرءِ يَدَه التي يَبطِشُ بها، ولسانَه الذي يصولُ به، وجَناحَه الذي يَنهَضُ به؛ فاصحَبْ هؤلاء تجِدْهم إخوانًا، وعلى الخيرِ أعوانًا. واجتَنِبِ الصِّغارَ الأخطارَ، اللِّئامَ الأقدارَ، الذين لا يحامون على حَسَبٍ، ولا يَرجِعون إلى نَسَبٍ، ولا يَصبِرون على نائبةٍ، ولا يَنظُرون في عاقبةٍ؛ فإنَّهم إن رأوك في رخاءٍ سألوك، وإن رأَوك في شِدَّةٍ أسلَموك، ولعَلَّهم أن يكونوا عليك مع بعضِ الأعداءِ. واعلَمْ بأنَّ الرَّجُلَ بلا خَدِينٍ كذي الشِّمالِ بلا يَمينٍ، واخلِطْ نفسَك مع الأبرارِ، وطَهِّرْها من الفُجَّارِ؛ فالمرءُ يُعرَفُ بقَرينِه) .
– وقال محمَّدٌ الغزاليُّ: (أُخُوَّةُ الدِّينِ تَفرِضُ التَّناصُرَ بَيْنَ المُسلِمين، لا تناصُرُ العَصَبيَّاتِ العَمياءِ بل تناصُرُ المُؤمِنين الصَّالحين لإحقاقِ الحَقِّ وإبطالِ الباطِلِ، ورَدعِ المعتدي، وإجارةِ المهضومِ، فلا يجوزُ تَركُ مُسلِمٍ يكافِحُ وَحْدَه في معتَرَكٍ، بل لا بُدَّ من الوُقوفِ بجانِبِه على أيِّ حالٍ لإرشادِه إن ضَلَّ، وحَجْزِه إن تطاوَلَ، والدِّفاعِ عنه إن هُوجِمَ، والقتالِ معه إذا استُبيحَ، وذلك معنى التَّناصُرِ الذي فرَضَه الإسلامُ…
إنَّ خِذْلانَ المسلِمِ شيءٌ عظيمٌ، وهو -إن حَدَث- ذريعةُ خِذْلانِ المسلمين جميعًا؛ إذ سيقضي على خِلالِ الإباءِ والشَّهامةِ بَيْنَهم، وسيخنَعُ المظلومُ طَوعًا أو كُرهًا لِما وقَعَ به من ضَيمٍ، ثمَّ ينزوي بعيدًا وتتقَطَّعُ عُرى الأُخُوَّةِ بينَه وبينَ من خَذَلوه.
وقد هان المُسلِمون أفرادًا وهانوا أممًا يومَ وَهَت أواصِرُ الأخُوَّةِ بَيْنَهم، ونظَرَ أحدُهم إلى الآخَرِ نظرةَ استغرابٍ وتنكُّرٍ، وأصبح الأخُ يُنتَقَصُ أمامَ أخيه فيَهُزُّ كَتِفَيه ويمضي لشأنِه كأنَّ الأمرَ لا يعنَيه!
إنَّ هذا التَّخاذُلَ جَرَّ على المسلمين الذِّلَّةَ والعارَ، وقد حاربه الإسلامُ حَربًا شَعْواءَ)
Source link