منذ حوالي ساعة
يعد محور فيلادلفيا (أو صلاح الدين) شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر الأبيض المتوسط.
إعداد مجلة البيان:
مع اشتداد وتيرة الحرب على غزة، وفشل دولة الاحتلال في إيقاف المقاومة، بدأت الضربات الجوية تطال الشريط الحدودي الرابط بين مصر وقطاع غزة، وخلال الأيام الأخيرة كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن جيش الاحتلال الاسرائيلي أبلغ مصر نيته احتلال منطقة “محور فيلادلفيا” الحدودية بين قطاع غزة ومصر، القريبة من معبر رفح، وبدأ عملية عسكرية هناك بالفعل. والأمر الذي نفته مصر.
1. ما هو محور فيلادلفيا الحدودي؟
يعد محور فيلادلفيا (أو صلاح الدين) شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر الأبيض المتوسط.
ووفقاً لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، تم الاتفاق بين مصر و”إسرائيل” على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة وحراسة “إسرائيل” قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة في عام 2005.
وفي العام نفسه وقعت “إسرائيل” مع مصر بروتوكول “فيلادلفيا” الذي سمح للقاهرة بنشر مئات الجنود لتأمين هذه المنطقة، كقوة شرطية خفيفة التسليح “لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود”.
وكان أحد الأهداف الرئيسية من هذه الاتفاقية منع تهريب المواد غير المشروعة (وضمن ذلك الأسلحة والذخائر للمقاومة في غزة)، وأيضاً منع الهجرة بين المنطقتين. وتتكون القوات المصرية الموجودة بموجب الاتفاق على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، من نحو 750 جندياً “متخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب”.
2. ما الذي حدث في محور فيلادلفيا؟
قال موقع “واللا” العبري، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بإدخال العديد من القوات إلى المنطقة الواقعة بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا، وقام بمناورة قصيرة، حيث أطلقت المقاومة النار على القوات الإسرائيلية، وتم الهجوم عليهم.
وأضاف الموقع العبري نقلاً عن مصادر عسكرية: “تصرف جيش الاحتلال الإسرائيلي (السبت) بطريقة غير عادية بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا”.
في الوقت نفسه، نفت الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة، في بيان رسمي، أن يكون هناك أي عملية عسكرية للاحتلال في محور الحدود الفلسطينية المصرية وبالتحديد في ممر فيلادلفيا. وأضافت الهيئة في بيان رسمي: “الجانب المصري نفى لنا أي معلومات لديه عن نية العدو التحرك عسكرياً في محور الحدود الفلسطينية المصرية، وأن كل المعلومات الميدانية عن تحركات عسكرية على الحدود مع مصر انطلاقاً من كرم أبو سالم غير صحيحة”.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد كشف خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب، عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية”، وكرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى بعد 5 أيام، رغم تحذيرات القاهرة السابقة من تنفيذ أي عمليات أو أنشطة عسكرية في هذه المنطقة العازلة.
فهذا الهجوم ليس الأول من نوعه الذي تشنه قوات الاحتلال على المنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر وغزة، لكن تلك الهجمات اشتدت وتيرتها مؤخراً مع مخاوف من اجتياح بريّ للمنطقة، عقب ارتفاع وتيرة الهجمات العسكرية على جنوب القطاع.
3. ماذا يمثل معبر رفح؟
هو البوابة الرئيسية الوحيدة على طول هذا الشريط الحدودي بين الجانبين الفلسطيني والمصري، ويمثّل المنفذ الرئيسي والوحيد المتبقي للغزيّين على العالم الخارجي، لا سيما بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المنافذ الستة بين قطاع غزة وجنوبي إسرائيل منذ بدء الحرب إلى أن أعلنت إسرائيل فتح معبر كرم أبو سالم لدخول المساعدات إلى القطاع يوم الأحد أي بعد أكثر من سبعين يوماً على إغلاقه.
يشار أن معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر يشهد مرور بعض شاحنات الوقود والمساعدات الإنسانية إلى القطاع وقد تعرض الجانب الفلسطيني من معبر رفح إلى القصف الإسرائيلي 4 مرات بحسب ما ورد على لسان مسؤولين مصريين.
ووجهت الإدارة المصرية تحذيرا متكررا لإسرائيل من أي عمليات عسكرية في المنطقة العازلة خاصة بعدما أصابت إسرائيل بـ”الخطأ” كما قالت جنودا مصريين بالقرب من معبر كرم أبو سالم على الحدود.
4. لماذا تريد “إسرائيل” احتلال إعادة احتلال هذه المنطقة؟
بعد سيطرة حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” على الحكم في غزة عام 2007، وهو الوضع الذي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى تغييره في الحرب الحالية، ضمن خطة يسعى خلالها للسيطرة على جميع المعابر البرية الخاصة بقطاع غزة.
وكان الفلسطينيون يلجأون إلى حفر أنفاق تهريب تحت محور صلاح الدين “فيلادلفيا” لإدخال وتهريب الطعام والشراب والسلع الغذائية خلال سنوات الحصار، وكذلك تهريب السلاح بمساعدة من بعض المصريين على الطرف الآخر، حيث ظلت الأنفاق لسنوات، من أهم طرق دخول السلع إلى القطاع.
وكان النظام المصري، قرر في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إزالة المنطقة السكنية بمدينة رفح المصرية لحماية الحدود المصرية من خطر الأنفاق الممتدة منها حتى رفح الفلسطينية. وتم تنفيذ الإزالة على 4 مراحل بواقع 500 متر لكل مرحلة بدأت من أكتوبر/تشرين الأول 2014 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ونفذ الجيش المصري حملة كبيرة لحفر قناة عرضية من ساحل البحر شمالا حتى معبر رفح جنوبا للتأكد من قطع الإمداد عن الأنفاق وتدميرها كليا.
وبعد ذلك تم بناء جدار فولاذي؛ لإحكام القبضة الأمنية أكثر على تلك المنطقة، في تكريس لمنطقة عازلة موازية على الأراضي المصرية، لمنع أي محاولة مستقبلية للتسلل أو تهريب بالاتجاهين، ولتأكيد ذلك تم تهجير سكان منطقة رفح المصرية بالكامل وإفراغها من السكان .
لكن ذلك لم يكن كافياً لإسرائيل، التي لا تزال تعتقد أن حماس قادرة على تهريب السلاح وكل ما تحتاجه عبر الأراضي المصرية. لذلك تهدد تل أبيب منذ بداية الحرب بإعادة احتلال محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة بأكملها.
تأتي العمليات العسكرية الإسرائيلية في منطقة محور فيلادلفيا، بعد أيام من زيارة وفد استخباراتي إسرائيلي للقاهرة للمفاوضة حول إدارة الدعم الإنساني والإغاثي للقطاع، حيث قالت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين 18 ديسمبر/كانون الأول، إن القاهرة خلال لقاء الوفد الإسرائيلي رفضت نشر قوات مشتركة مع “إسرائيل” على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الحدودي بين قطاع غزة ومصر، وأكدت أن “المنطقة خالية من أي أنفاق”.
وأضافت هيئة البث الإسرائيلية: “أثار قصف إسرائيلي متكرر لمحور فيلادلفيا مؤخراً، المُتاخم للشريط الحدودي بين مصر و”إسرائيل”، حفيظة القاهرة، لا سيما أن المحور يخضع لاتفاقية ثنائية تستوجب الحصول على إذن مسبق قبل تنفيذ أي أعمال عسكرية”.
وتابعت: “تؤكد السلطات المصرية أن إسرائيل قامت بهذه الخطوة دون الرجوع إليها والتنسيق معها، علماً بأن المسؤولين المصريين كرروا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الإسرائيليين ضرورة إبعاد العمليات العسكرية عن هذه المنطقة، جراء تأثيرها المباشر على الوضع في سيناء”
Source link