العلاقة بين الصهيونية والمسيحية – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

مساندة الغرب لإسرائيل لا نظن أن هذه الخدمات مجانية ليس لها مقابل، بل إن هذا النظام هو شكل جديد من أشكال الهيمنة الصليبية والصهيونية على المنطقة، ولكن بغطاء اسمه الشرعية الدولية والإرادة الصريحة للمجتمع الدولي.

إن الصهيونية استفادت من الثورات الأوروبية في احتواء المسيحية وإخضاعها لمفاهيمها بعد أن حلت القومية والوطنية محل الدين وفتح المجال أمام الصهيونية في الانطلاق والعمل، فكان لهم السيطرة على الأحزاب السياسية وتوجيهها بما يخدم أهدافها.

وبسيطرة الصهيونية نتيجة قدرتها المالية على أجهزة الصحافة والإعلام استطاعوا أن يفرضوا على الغرب مفاهيم بشأن السيطرة على فلسطين، وبشأن تحطيم الأخلاق والديانات، وما فكرة فصل الدين عن الدولة إلا شكلاً من أشكال التغلغل والنفوذ الصهيوني الذي يعتبر بداية تلاقي الصهيونية بالمسيحية.

وقد توطدت العلاقة وأقيم جسر الوفاق بينهما بعد أن استطاع اليهود عام 1964 استصدار وثيقة تبرئ اليهود من تهمة قتل المسيح في المجمع المسكوني، وكذلك من الفاتيكان الذي أصبح ينظر بعين الرضا والارتياح إلى مشروعات الصهيونية في فلسطين.

وشيئاً فشيئاً ومع تشابك المصالح الغربية في البلاد العربية والإسلامية ارتأت المسيحية أن في تلاقي الأطماع الاستعمارية الصليبية واليهودية في فلسطين وغيرها من بلاد العالم واللعب على طاولة مكشوفة تحت شعار استراتيجية عمل موحدة تحكمها عناصر التنسيق والتعاون. وقد تجسدت العلاقة بين الصهيونية والصليبية بجملة من الاتفاقيات والخطط والدراسات والمشاريع، والتي كان لها جذورها التي سبقت إنشاء الحركة الصهيونية ذاتها، وعلى سبيل المثال يذكر التاريخ أن نابليون هو أول من نادى (بفكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين باعتبارهم أسياد هذه البلاد الحقيقيين وأنه بُعث من قِبَل الآلهة لمؤازرة الشعب اليهودي ومساعدته في استعادة بناء مملكة القدس القديمة)، ومهما يكن هدف نابليون الشخصي من وراء هذا المشروع إلا أنه يشكل باباً من أبواب التعاون وتلاقي المصالح الاستعمارية.

-ولنفس الهدف طرحت بريطانيا مشروعها الداعي إلى تشجيع الهجرة إلى فلسطين، وفي كتاب له أكد القس هشلر لهرتزل أن الدولة اليهودية ضرورة عالمية، وهذا جيمس بيكون اليهودي يصدر كتاب (إرجاع اليهود أزمة جميع الأمم).

وتمر الأيام وفي عام 1907 ويعقد اجتماع لقوى الاستعمار (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وهولندا) في مؤتمر بازمان الذي خرج بقرار ضرورة جعل فلسطين قاعدة صليبية استعمارية للغرب بزرع الشعب اليهودي فيها تحارب من خلالها كل محاولات الوحدة بين البلاد العربية وتعمق مفهوم التقسيم والتجزئة. والذي يمكن اعتباره مقدمة لوعد بلفور القصي الذي صاغته بريطانيا (…) عام 1917 بحيث أعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق. وبعد هذه المرحلة وبعد أن أصبح أمر توطين اليهود في فلسطين واقعاً أخذت أوجه التعاون بعداً جديداً تمثل في الإمداد المالي والعسكري بشكل كبير والاعتراف الرسمي من قبل القوى الدولية العظمى كالولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا.. بدولة “إسرائيل”، وعلى سبيل المساعدات الأمريكية مثلاً للكيان الصهيوني منذ عام 1967 وحتى عام 1990 بلغت 77 بليون بمعدل 2.5 بليون دولار سنوياً. ويتم تسويق هذه المساعدات تحت غطاء أن الولايات المتحدة تلقت الكثير مقابل ما قدمته ل”إسرائيل”، ولا يدخل في هذا الرقم المبالغ التي تقدم ل”إسرائيل” سراً وتحت عدة أعذار والمعدات العسكرية والخبرات والمشاريع المشتركة بينهما كما لا يدخل فيه مبلغ العشرة بلايين دولار المطلوبة على سبيل الضمانات. أما شكل المساعدات الروسية ل”إسرائيل” فيكفي أن نذكر أنها أمدتها بأهم عنصر من عناصر ومقومات الدولة وهو العنصر البشري، أما بريطانيا فهي الأم الحاضنة للكيان الصهيوني والوصي المخلص له، وستبقى على الرغم من نقل عبء الوصاية والرعاية لأمريكا بصفتها القوى العظمى. وبشيء من التحليل نخلص إلى أن النظام الدولي الجديد الذي تسعى الولايات المتحدة إلى فرضه ما هو إلا شكلاً جديداً من أشكال الدعم للكيان الصهيوني، فيكفي أن تحصل “إسرائيل” على شرعية واعتراف عربي بهيمنتها على أكثر من 75% من أراضي فلسطين وعلى حقها في الموارد الطبيعية ذات البعد الإقليمي وخلق جوٍ من التطبيع الاقتصادي والتقارب السياسي وإنهاء حالة الحرب المعلنة وإحكام الرقابة على قدرات الدول العربية العسكرية وجعلها ذات طابع دفاعي محض وخاصة بعد أن تم تدمير قوة العراق، وبالمقابل تحتفظ “إسرائيل” بمخزونها النووي الهجومي وتستمر في تطوير قوتها وترسانتها الحربية، وكما ذكر فإن من قواعد النظام الدولي الجديد أن يعمل على تخفيض القدرات العسكرية ذات الطابع الهجومي بل وتدميرها من البلاد العربية حتى تصبح الدول العربية المجاورة لإسرائيل بمجموعها لا تملك أكثر مما تملكه “إسرائيل”.

ومن جانب آخر لا نظن أن هذه الخدمات مجانية ليس لها مقابل، بل إن هذا النظام هو شكل جديد من أشكال الهيمنة الصليبية والصهيونية على المنطقة، ولكن بغطاء اسمه الشرعية الدولية والإرادة الصريحة للمجتمع الدولي. إنه وبعد كل هذا لا نرى مجالاً لأدنى نسبة شك في مدى الصلة الوثيقة التي تربط الصهيونية العالمية بالصليبية العالمية.

____________________________
فاضل بشناق / فلسطين
المركز الفلسطيني للمعلومات


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *