منذ حوالي ساعة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ»
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ»
[الراوي : أبو هريرة (المصدر : صحيح البخاري رقم [6114])]
والشدة المقصودة في الحديث هي القوة، فالمؤمن القوي إذًا ليس صاحب القبضة القوية أو الضربة القاضية كما يطلقون عليها، بينما الأمر أعمق من ذلك بكثير، فهو بمقياس الإيمان هو القدرة على التحكم في الذات وقيادة النفس، وإن كان المؤمن لديه القدرة على التحكم في ذاته عند الغضب وهو أعتى الحالات الانفعالية فكلٍ ماعدا ذلك سهل يسير ومن الممكن أن يكون تحت السيطرة .
والمعروف أن الغضب يعتبر العدو اللدود للإنسان فتلك هي اللحظات التي يتملكه فيها الشيطان تمامًا، وقد كان من أشهر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة عندما قال له أوصني قال لا تغضب كما في الحديث : «أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ»
[الراوي : أبو هريرة (المصدر : صحيح البخاري رقم [6116])]
فقد يفقد الإنسان قواه العقلية عند الغضب حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «“لا طلَاقَ ولا عِتاقَ في إِغلاقٍ”»
[الراوي : عائشة أم المؤمنين(المصدر : صحيح الجامع رقم [7525])]
والإغلاق أي وقت الغضب، فهذا إقرار بأن المرء يفقد عقله عند
الغضب .
ومن القصص الواقعية التي عاصرتها بنفسي منذ فترة لإحدى الزوجات التي كانت لا تنجب وأظهر لها زوجها عدم اهتمامه لهذا الأمر بل وطلب منها ذهبها ومدخراتها للانتقال إلى مسكن أكبر للاستمتاع بحياتهما، ثم فوجئت أنه قد تزوج بآخرى في المسكن الجديد، وفي هذه الأثناء كان الله قد من عليها بالحمل، وعندما علمت بخبر زواج زوجها في المسكن الجديد الذي أنفقت فيه كل تملك كانت الصدمة أكبر من أن تتحكم بغضبها وتسبب ذلك في خسارة جنينها الأول والأخير، وكان تعليق الطبيب أن غضبها نال من صحتها وقوتها بقدر ما يقوم المرء بهدم بيت كامل بمفرده، فثورة غضب قتلت جنين وأصابت الجسم بالوهن والضعف، وفي المقابل نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمدح الحلم فقد قال لأحد الصحابة هو أشج ابن عبد القيس «(إنَّ فيكَ خَصلتينِ يحبُّهُما اللَّهُ: الحِلمُ، والأَناةُ )» الراوي : عبد الله بن عباس(المصدر : صحيح مسلم رقم [17])
وفي هذا السياق نتذكر ما كان عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من الحلم والسكينة وكيف كان مثالًا في نفس الوقت للقوة والثبات يوم وفاة حبيبه الرسول صلى الله عليه وسلم وقت أن غضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشدة وتوعد لمن يردد هذا الخبر فما كان من أبي بكر رضي الله عنه إلا أن قال قولته المشهورة :”من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت “وردد الآية الكريمة :” {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} “( آل عمران :144)
كذلك كان موقفه الثابت القوي بعد الفتنة التي وقعت في الجزيرة العربية على اثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فارتدت بعض القبائل فلم يضغف ولم يهادنهم وإنما كان لهم بالمرصاد وانت حرب الردة التي كانت واحدة من أهم إنجازاته رضي الله عنه حتى أن بعض المؤرخين رأوا أنه لولا حرب الردة لضاع الإسلام.
ولا يفوتنا في هذا السياق ان ننوه لمقولة انتشرت بمناسبة إقدام ابوبكر رضي الله عنه على حرب الردة قد أظهرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمظهر المتخاذل ازاء هذا الامر وهي غير صحيحة.
و بذلك قدم لنا أبو بكر رضى الله عنه نموذجًا حيًا للمؤمن القوي في الوقت الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «(أرحَمُ أُمَّتي بأُمَّتي أبو بكرٍ)»
الراوي : أنس بن مالك(المصدر : صحيح الترمذي رقم [3790])
و تمثل في قوله تعالى: “أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”(الفتح:29)
فالحلم والاناة وضبط النفس الدليل القاطع على قوة الشخصية وثباتها.
Source link