منذ حوالي ساعة
وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ
وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
الشهيد بإذن الله يحيى السنوار أعطى آخر دروسه للأمة بل وللأمم أجمع مع آخر أنفاس في حياته ليختم الله له القصة أجمل ختام وأروع نهاية، قصة بطل عاش يصارع من أجل مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازال على العهد حتى لقي الله مقبلاً غير مدبر.
وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ
وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا
سلام على روحك الزكية يا أبا إبراهيم
كان لسان حاله طوال عمره هو نفس ما خطه بنانه في في كتاب الشوك والقرنفل إذ استعار جملة قالها عمر بن الخطاب لأبي سفيان“والله لو لم أجد الا الذر لقاتلتكم به” والذر هو النمل.
كانت تلك عقيدة الرجل، ومواقفه الدائمة، وبالأمس شاهده العالم أجمع وهو ينزف ويحتضر ويده اليمنى شلاء قد بترت بقذيفة يربطها بحبل ليوقف النزيف.. يحاول ولا يستسلم بل يرمي بعصاه طائرة مسيرة تحوم فوقه وتقذفه لعله يصيبها قبل أن يلقى الله شهيدا.
يرمي ما بيده قبلها على جند الصهاينة ليأخذ بثأره قبل استشهاده.
حياة كاملة ما بين دراسة وجهاد واعتقال …قضى زهرة شبابه في سجون الصهاينة المحتلين.. ولما خرج شيخاً كبيراً فعل بهم الأفاعليل وسامهم سوء العذاب حتى لقي الله شهيداً مقبلاً.
وأما مشهد النهاية فكأن الله تعالى حقق له ما خطته يمينه في الشوك والقرنفل في آخر مشاهد الكتاب:
“الآن جاء الموعد يا أمّاه، فلقد رأيتُ نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد. ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك!”
كأني أقص حياة أحد السلف الكرام… أو كأني أتحدث عن أحد الصحابة.
قدس الله روحك أبا إبراهيم
قال تعالى : {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [الأحزاب]
قال ابن كثير :
لما ذكر عن المنافقين أنهم نقضوا العهد الذي كانوا عاهدوا الله عليه لا يولون الأدبار ، وصف المؤمنين بأنهم استمروا على العهد والميثاق و ( صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ) ، قال بعضهم : أجله .
وقال البخاري : عهده . وهو يرجع إلى الأول .
( ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) أي : وما غيروا عهد الله ، ولا نقضوه ولا بدلوه .
السنوار على طريق أنس بن النضر:
قال أنس : «عمي أنس بن النضر سميت به ، لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، فشق عليه وقال : أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه ، لئن أراني الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع . قال : فهاب أن يقول غيرها ، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يوم ] أحد ، فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أنس يا أبا عمرو ،واها لريح الجنة أجده دون أحد ، قال : فقاتلهم حتى قتل قال : فوجد في جسده بضع وثمانون من ضربة وطعنة ورمية ، فقالت أخته – عمتي الربيع ابنة النضر – : فما عرفت أخي إلا ببنانه . قال : فنزلت هذه الآية» {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } . قال : فكانوا يرون أنها نزلت فيه ، وفي أصحابه .
ورواه مسلم والترمذي والنسائي ، من حديث سليمان بن المغيرة ، به . ورواه النسائي أيضا وابن جرير ، من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، به نحوه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حميد ، «عن أنس أن عمه – يعني : أنس بن النضر – غاب عن قتال بدر ، فقال : غيبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ، لئن الله أشهدني قتالا للمشركين ، ليرين الله ما أصنع . قال : فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون ، فقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني أصحابه – وأبرأ إليك مما جاء هؤلاء – يعني : المشركين – ثم تقدم فلقيه سعد – يعني : ابن معاذ – دون أحد ، فقال : أنا معك . قال سعد : فلم أستطع أن أصنع ما صنع . قال : فوجد فيه بضع وثمانون ضربة سيف ، وطعنة رمح ، ورمية سهم . وكانوا يقولون : فيه وفي أصحابه [ نزلت ] : ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) »
Source link