خطوات لتحبيب ابنك في الصلاة – سالم محمد

منذ حوالي ساعة

إن شجرة الإيمان لا تنبت بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت لتترسخ جذورها. ابدأ مع طفلك بخطوات صغيرة، عرّفه على الصلاة تدريجيًا مع الزمن حتى تصبح الصلاة عادةً طبيعية في يومه.

في زمنٍ تتسارع فيه الحياة وتتنوع فيه الاهتمامات، يكمن التحدي الأكبر للأبوين في غرس الإيمان في قلوب أبنائهم، ورعاية تلك البذرة حتى تنمو وتثمر، الصلاة، الركن الأعظم والوسيلة الأسمى للتواصل مع الله، تستحق أن تكون أول تلك الغراس التي نحرص على زرعها في قلوب أطفالنا. لكن كيف نحببهم في الصلاة، تلك الرحلة الروحية التي تنتقل من مجرد أداء طقوس إلى علاقة وطيدة مآلها الفلاح بين العبد وربه.

كن قدوة قبل أن تكون معلماً:

لن يصدق ابنك حديثك عن أهمية الصلاة إلا إذا رآك تعيشها بكل شغف. فالصلاة ليست مجرد حركات تؤديها أمامه، بل هي لحظة نقاء تشعره بقيمتها عندما يراك تسارع إليها بروحك قبل جسدك. إن حب الأطفال للصلاة يبدأ عندما يرون فيك الحرص على تلبية وتعظيم نداء الله، وعندما يتحول سلوكك اليومي إلى انعكاس لهذا النور الذي تستمده من صلاتك، يشمل ذلك نوافلك في البيت وخروجك لجماعة المسلمين في بيب من بيوت الله عز وجل.

علّمه بروح اللطف والمحبة والرفق واللين:

الصلاة جسر يربط العبد بخالقه، فلا تبنيه أمام طفلك بأوامر صارمة أو بأسلوب التهديد. استخدم كلماتك كأدواتٍ ناعمة تبني في نفسه حبًا لهذه العبادة. بدلاً من أن تقول له: “صلّ وإلا…”، قل له: “هيا لنقترب معًا من الله، إن الله يحب الذين يصلون إليه”. اجعل كل كلمة تحمل دفء المحبة، واسمح له بأن يشعر بأنها دعوة إلى السكينة، وأنه لها جزاء عظيمًا في الدنيا والآخرة.

اشرح له معاني الصلاة:

كيف نطلب من طفل أن يحب شيئًا لا يعرف معناه؟ علّمه أن الصلاة ليست مجرد ركوع وسجود، بل هي صلة بين العبد وربه، لحظة يقف فيها الإنسان بين يدي خالقه، يطلب، يشكر، ويقترب. أخبره أن كل حركة وكل دعاء لهما معنى، وأن الصلاة تفتح له أبواب الرحمة والسلام، فإذا استشعر هذه المعاني تعلق قلبه بالصلاة وعرف لها لذة وراحة.

اصنع له بيئة صلاة مميزة:

الصلاة ليست مكانًا أو زمانًا فقط، بل هي حياة وفلاح. اصنع لطفلك بيئة مميزة تشجعه على أداء الصلاة، علّمه كيفية الوضوء من أجل الاستعداد للقاء العظيم سبحانه. ليكن المكان حيث يصلي، مساحة مليئة بالهدوء والجمال، تشعره بأن الصلاة هي واحة السلام في يومه، هذا في حالة صلاة النافلة، أما الجامعة فمحلها بيوت الله حيث صفوف المصلين والجو الإيماني مع جماعة المسجد بمن فيهم الصغار الذين يكبرون ابنك بقليل وربما من هم دون سنه.

التدريج هو المفتاح:

إن شجرة الإيمان لا تنبت بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت لتترسخ جذورها. ابدأ مع طفلك بخطوات صغيرة، عرّفه على الصلاة تدريجيًا مع الزمن حتى تصبح الصلاة عادةً طبيعية في يومه.

المكافأة والتشجيع:

عندما ترى طفلك يواظب على الصلاة، لا تبخل عليه بمكافأة. ولكن احذر أن تتحول الصلاة إلى واجب مرتبط بالحصول على هدية. اجعل المكافأة وسيلة لتشجيعه وإظهار تقديرك لجهوده، سواء كانت هدية صغيرة أو كلمات تشجيع دافئة. اجعل هدفك أن يرتبط الشعور بالسعادة بالصلاة نفسها، لا بالمكافأة، مع التأكيد علي تربيته على الإخلاص لله عز وجل وطلب المثوبة منه سبحانه والفوز برضاه وجنته في الآخرة.

الصلاة كجزء من اللحظات العائلية:

الصلاة ليست عبادة فردية فقط، بل هي جزء من الروابط الأسرية، اجعلها جزءًا من اللحظات الجميلة مع عائلتك، صلّوا أحيانا معًا كعائلة، لتشعر طفلك بأن الصلاة تجمع القلوب وتوحّد الأرواح، الصلاة الجماعية تبني في نفس الطفل شعورًا بالانتماء، وتجعله يترقب تلك اللحظات حيث يلتقي الجميع في لحظة خاشعة بين يدي الله عز وجل.

ربط الصلاة بمواقف الحياة:

ربط طفلك بالصلاة ليس فقط عندما تدق الساعة، بل في كل لحظة من حياته. علّمه أن الصلاة ليست وقتًا معزولًا عن الحياة، بل هي مرافقة له في كل موقف. عندما يشعر بالخوف، علّمه أن يلجأ إلى الله في صلاته. عندما يفرح، شجعه على السجود شكرًا. عندما يريد شيئًا علمه أن في الصلاة مواضع مناجاة ودعاء يمكنه أن يطلب من ربه القدير وهكذا.

استغل التكنولوجيا بحكمة:

في عالمٍ باتت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، يمكنك استغلال هذه الأدوات بحكمة لجذب اهتمام طفلك، استخدم التطبيقات النافعة التي تعلم الصلاة، أو شاهدوا معًا مقاطع فيديو تعليمية تجذب الأطفال وتحببهم في الصلاة بأسلوب مشوق، التكنولوجيا يمكن أن تكون وسيلة تربوية إذا تم استخدامها بحذر وتوجيه، وتعلق الطفال بها أشدّ وبالتالي تأثرهم أكثر.

القصص: مفاتيح قلوب الأطفال:

الأطفال يستمتعون ويتلذذون بالقصص، ويمكنك أن تحبب ابنك في الصلاة من خلال قصص الأنبياء والصالحين، قص عليه كيف كان الأنبياء يتوجهون إلى الله في صلاتهم، وكيف كان السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان يجدون فيها الراحة والقوة، اربط له أحداث القصص بواقع حياته اليومية، ليشعر بأن الصلاة ليست قصة بعيدة، بل هي جزء من حياته.

تحبيب الأطفال في الصلاة هو رحلة تحتاج إلى صبر وحكمة، رحلة تُبنى على المحبة والتفاهم والقدوة، لا تتوقع من طفلك أن يحب الصلاة من اليوم الأول، بل اغرس في قلبه بذرة هذا الحب، واسقه باللطف والمودة، وسيأتي يوم –بإذن الله- تجد فيه هذه البذرة قد أصبحت شجرة وارفة تظلل حياته، وترافقه في كل درب، فإذا تعلق ابنك بالصلاة وأحبها فنم قرير العين لأنه يكون في رعاية الله وحفظه وكذلك سيراقب ربه ويتقيه في سرة وعلانيته.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *