إضاءة: من يزيد علما يزيد أدبا مع معلميه!

منذ حوالي ساعة

من معايير قياس أثر التعلم على الإنسان: أنه كلما زاد علمًا، زاد أدبًا ورقيًّا مع معلِّميه؛ تعبُّدًا لله أولًا، ثم عِرفانًا بجميلهم…”

من معايير قياس أثر التعلم على الإنسان:

أنه كلما زاد علمًا، زاد أدبًا ورقيًّا مع معلِّميه؛ تعبُّدًا لله أولًا، ثم عِرفانًا بجميلهم، وإن زاد في علمه ودرجته، وأصبح له شأنٌ ما بعد ذلك، فهم من أسباب ما بلغ.

 

مرَّ مُعلِّم بمجموعة من طلابه، فسلَّم عليهم بحرارة، كما كان يسلِّم عليهم وهم طلاب بين يديه في المقاعد الدراسية، بل ربما يحمل بعضهم ويُعينهم للوصول إلى مقرِّ دراستهم، ويقوم بتعليمهم وتربيتهم وتوجيههم داخل حجرتهم الدراسية، أو في فناء مدرستهم، فقبَّل أحدهم رأسه تقديرًا وعرفانًا، وعانقه البقية، وكان بعض البقية يُقبِّل رأسه قبل ذلك، حتى نال درجة علمية، فتغيَّر في منظوره الحال.

 

فأقول: إن المعلم – يا أخي ويا بني – يبقى لدى طلابه الأوفياء كبيرًا في القدر والمكانة في القلب، وفي التعامل؛ لأنه صاحبُ فضلٍ وتعليم، وتربية وعطاء وجميل، وإن كان بعض المعلمين ربما يصغُر بعض طلابه في العمر، وبالذات من درَّس في الجامعة لطلاب يكملون دراستهم ونحو ذلك، فكيف إذا كان المعلم يكبرهم سنًّا وعلمًا ومكانة، قبل ذلك بمُضِيِّ السنين، وهم صغار بين يديه سابقًا؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقِّر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقَّه».

 

ومن أقوال السلف في آداب طالب العلم:

قال ابن المبارك رحمه الله: “نحن إلى قليل من الأدب أحوجُ منا إلى كثير من العلم”.

 

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله: “الواجب أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدبًا، وأشد الخَلْقِ تواضعًا، وأعظمهم نزاهةً وتديُّنًا، وأقلهم طيشًا وغضبًا”.

 

وقال العلَّامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: “لقد تواردت مُوجِبات الشرع على أن التحلي بمحاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، والهَدْيِ الحسن، والسمت الصالح، سِمةُ أهل الإسلام، وأن العلم – وهو أثمن دُرَّةٍ في تاج الشرع المطهر – لا يصل إليه إلا المتحلِّي بآدابه، المتخلي عن آفاته”.

 

وقال السعدي رحمه الله: “من أعظم ما يتعين على أهل العلم الاتصاف بما يدعو إليه العلمُ من الأخلاق والأعمال؛ فهم أحق الناس بالاتصاف بالأخلاق الجميلة، والتخلي من كل خُلُق رذيل”.

 

وقال أيضًا رحمه الله: “على المتعلم أن يوقِّر معلِّمَه ويتأدب معه حسب ما يقدر عليه؛ لِما له من الحق، وإذا كان مَن أحسن إلى الإنسان بهدية مالية ينتفع بها، ثم تذهب وتزول، له حق كبير على المحسن إليه، فما الظن بهدايا العلم النافع الكثيرة المتنوعة، الباقي نفعها ما دام العبد حيًّا وبعد مماته”.

 

وكان ابن عباس رضي الله عنه يُمسِك بركاب دابة زيد بن ثابت رضي الله عنه تأدُّبًا مع معلمه، فقال له زيد رضي الله عنه: “دَعْ عنك هذا يا بنَ عمِّ رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا أُمِرنا أن نفعل بعلمائنا”، وقال الشافعي رحمه الله: “ما كنت أستطيع أن أقلِّب الورق؛ خشية أن أزعج الإمام مالكًا رحمة الله عليه”، فعوَّض الله الشافعيَّ بالربيع الذي كان يقول: “والله ما كنت أستطيع أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ”، وكان طلابه يعاملونه معاملة الأمير.

 

هذه مقتطفات، نُهديها – أولًا – لأنفسنا مع معلمينا، ومن كان لهم من فضل علينا بتعليم وتأديب، وتوجيه ورعاية ونحن طلاب بين أيديهم في المقاعد الدراسية للتعليم العام، والتعليم العالي، وكذلك نهديها – ثانيًا – لطلابنا الذين كانوا بين أيدينا في المقاعد الدراسية لمرحلة التعليم العام أو التعليم العالي، سائلين الله للجميع التحلي بآداب العلم والعلماء قولًا وفعلًا، والإخلاص في القول والعمل، ودام الجميع بودٍّ.

______________________________________________________
الكاتب: د. عوض بن حمد الحسني


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *