منذ حوالي ساعة
( في الأمور كلها ) : دليل على العموم ، وأن المرء لا يحتقر أمراً لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه ، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
من فقد البوصلة أو أظلم عليه الطريق وهو في سفر شاق، يبحث عن بوصلة تحدد له الاتجاه و يبحث عن مصباح يضيء له الطريق ويحدد معالمه.
وأنت في طريقك إلى الله تحتاج دائماً إلى بوصلة تحدد لك الاتجاه هذه البوصلة هي كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا ما تحدد الاتجاه تحتاج إلى مصباح تستضيء به في الطريق يكشف لك الظلمات وسراج المصباح في حاجة إلى زيت مستمر ليظل مضيئاً هذا المصبح هو مشكاة النبوة أما الزيت فهو الارتباط بالله والاستعانة به والتوكل عليه ومن وسائل الاستعانة التي علمنا إياها حبيبنا صلى الله عليه وسلم الاستخارة في كل فعل وقبل سلوك كل طريق وعر.
عن جابر رضي الله عنه قال : – « كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هذا الأمْرَ – ثُمَّ تُسَمِّيهِ بعَيْنِهِ – خَيْرًا لي في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – قالَ: أوْ في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، اللَّهُمَّ وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّه شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمَّ رَضِّنِي بهِ» .
[الراوي : جابر بن عبدالله السلمي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 7390 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]]تدبر قوله : «في الأمور كلها»
يتبين هنا أن الأمر يشمل الصغير والكبير من شؤون الحياة
يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (11/184) :
” يتناول العمومُ العظيمَ من الأمور ، والحقيرَ ، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم ” انتهى .
ويقول العيني في “عمدة القاري” (7/223) :
” قوله : ( في الأمور كلها ) : دليل على العموم ، وأن المرء لا يحتقر أمراً لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه ، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ليسأل أحدكم ربه حتى في شسع نعله » ” انتهى .
وبهذا يتبين أنَّ مِن الخطأ قصر الاستخارة على أحوال نادرة أو قليلة ، بل الشأن في المسلم اللجوء إلى الله عز وجل واستخارته في جميع الأمور التي يتردد فيها ، حتى إن زينب بنت جحش رضي الله عنها صلت الاستخارة حين عرض عليها الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعلق على ذلك النووي بقوله في “شرح مسلم” (9/224) :
” فيه استحباب صلاة الاستخارة لمن هَمَّ بأمر ، سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا ، وهو موافق لحديث جابر في صحيح البخارى قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها» ، ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
تبقى في النهاية كلمة:
أعتقد بعدما قدمته لك أصبح من الواضح أن (في الاستخارة حياة كاملة في نور الله وعلى بركة الله)
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
Source link