من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه

منذ حوالي ساعة

قال ﷺ: «يقولُ اللَّهُ: إذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فلا تَكْتُبُوها عليه حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِن أجْلِي فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، وإذا أرادَ أنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً،…»

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:

فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من البادية وقلنا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ قال: سمعته يقول: «إنَّك لنْ تَدَعَ شَيئًا للهِ إلَّا بدَّلَك اللهُ به ما هو خَيرٌ لك منه»[1].

 

قال قتادة السدوسي رحمه الله: لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله تعالى، إلا أبدله في عاجل الدنيا قبل الآخرة؛ روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال: «يقولُ اللَّهُ: إذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فلا تَكْتُبُوها عليه حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِن أجْلِي فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، وإذا أرادَ أنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها له بعَشْرِ أمْثالِها إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ»[2].

 

ولَمَّا اعتزل خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام قومه وهاجر بدينه، عوَّضه الله الخير العظيم في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84].

 

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: ولما كان مفارقة الإنسان لوطنه ومألفه وأهله وقومه من أشق شيء على النفس، لأمور كثيرة معروفة، منها انفراده عمن يتعزَّز بهم ويتكثر، وكان من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرًا منه، واعتزل إبراهيم قومه؛ قال الله في حقه: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم: 49]، فحصل له هبة هؤلاء الصالحين المرسلين إلى الناس الذين خصَّهم الله بوحيه، واختارهم لرسالته، واصطفاهم على العالمين[3].

 

اللهم جنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم زِدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك.

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


[1] (38 -170) برقم (230740) وقال محققوه إسناده صحيح وقال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1-19) وسنده صحيح على شرط مسلم.

[2] برقم (7501) ومسلم برقم (128).

[3] تفسير الشيخ السعدي رحمه الله ص643.

_______________________________________________
الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الأشهر الحرم وخطر ظلم النفس وظلم الغير

قوله تعالى في الآية : {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}، أي في هذه الأشهر المحرمة لأنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *