إن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصِّديقين والصالحين، بها تنال الدرجات وتُرفع المقامات، وتثمر التحاب والتآلف، وضدها يُثمر التباغض والتحاسد والتدابر.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
قال صلى الله عليه وسلم: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر» (أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586) رحمهم الله تعالى).
إن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصِّديقين والصالحين، بها تنال الدرجات وتُرفع المقامات، وتثمر التحاب والتآلف، وضدها يُثمر التباغض والتحاسد والتدابر.
وتطييبُ النفوس المنكسرة وجبرُ خواطر أهل الابتلاء، من أعظم أسباب الأُلفة والمحبة بين المسلمين، فهو إذًا أدب إسلامي رفيع وخُلق عظيمٌ، لا يتخلق به إلا أصحابُ النفوس النبيلة، وهو عبادة جليلة، بل إن بعض العلماء ذكروه في أبواب الاعتقاد؛ كما قال إسماعيل الأصبهاني رحمه الله: ومن مذهب أهل السنة مواساة الضعفاء والشفقة على خلْق الله)؛ من كتاب: (الحجة في بيان المحجة، 2/ 570).
فأهل السُّنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق، ويريدون لهم الخير والهدى، ولذا كانوا أوسع الناس رحمة وأعظمهم شفقةً وأصدقهم نصحًا.
عنايةالإسلام بتطييب الخواطر:
اعتنى الإسلام بهذا الخلق غايةَ الاعتناء، بل شرع لذلك أحكامًا عديدة في مناسبات متعددة؛ فمن ذلك:
• استحباب التعزية لأهل الميت؛ لتسليتهم ومواساتهم وتصبيرهم، وتطييب خواطرهم على فقْد ميِّتهم.
• وشرَع للمطلقة غير المدخول بها نصف المهر، تطييبًا لخاطرها وجبرًا لكسر نفسها؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].
• وكذلك جاء الشرع بإقرار الدِّية في القتل الخطأ لجبر نفوس أهل المجني عليه، وتطييبًا لخواطرهم.
ولتأكيد أهمية هذا الخُلق وبيان فضله، فقد كان من أوائل التوجيهات الربانية للرسول صلى الله عليه وسلم في بداية رسالته مواساة مَن يحتاج الى مواساة وتطييب خاطره؛ قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9، 10]؛أي: كماكنت يتيمًا يا محمد، فآواك الله، فلا تقهراليتيمَ ولا تُذله،بل طيِّب خاطره.
اللهم اجعلنا مباركين أيَّنما كنا، مفاتيحَ للخير مغاليق للشر، ومن الذين استعملتَهم لطاعتك وتقديم العون والنفع للمسلمين.
وصلِّ الله وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحْبه أجمعين..
___________________________________________________________
الكاتب: عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
Source link