أنقذ سفينة – طريق الإسلام

الحديث عن الظروف والظلم، والبكاء والعويل لا يُقدم شيئًا، بل يُسعد الشيطان،فلو أسقيت فقيرا من مئات الفقراء، أو أطعمت جائعا من مئات الجوعى، أو علمت طفلا كتاب الله، أو فرجت، أو غيرها من أفعال البر والتقوى المقدورة لك، فكل هذا خير وأجدى وأنفع من العويل والبكاء والحزن فاعمل في الممكن.

قال الله تعالى: {فانطلقا حتى إِذا ركبا في السفينة خرقها … أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}.

فالخضر لم يستطع إلا على إنقاذ سفينة واحدة، مع أنه نبي أو ولي من أولياء الله (على خلاف بين العلماء فيه) ومعه موسى وهو نبي، وهذه من الحكمة والعقل وفهم الدين، فهذه استطاعته في هذه الظروف، وهذا الممكن له، ومع علمه بأن هناك عشرات أو مئات المساكين في البحر من يُظلمون في سفنهم، ولكنه لم يقدر إلا على إنقاذ سفينة بهذه الطريقة الذكية والخفية، ولم يظل يولول ويشكو الظلام والظروف والواقع، بل صنع معروفا يقدر عليه، وأشعل شمعة وغير حسب استطاعه. 

وفي فعله هذه فائدة لكل مخلص وصادق مع دينه وأهله ومجتمعه ووطنه وأمنه، فإن الحديث عن الظروف والظلم، والبكاء والعويل لا يُقدم شيئًا، بل يُسعد الشيطان، فمن مقاصده إحزان المؤمن؛ فلو أسقيت فقيرا من مئات الفقراء، أو أطعمت جائعا من مئات الجوعى، أو علمت طفلا كتاب الله، أو ألفت كتابا، أو طلبت علما، أو سعيت في دعوة إلى الله، أو اهتدى على يدك شخص من مئات الضالين التائهين، أو زرت مريضا، أو فرجت ،هما، أو أمطت أذى عن طريق المسلمين، أو غيرها من أفعال البر والتقوى المقدورة لك، فكل هذا خير وأجدى وأنفع من العويل والبكاء والحزن فاعمل في الممكن، ودع غير الممكن حتى يكون ممكنا، وإلا فقد عذرك الله، واعمل في دائرة التأثير، ودع دائرة الاهتمام حتى يمكنك التأثير فيها، فأنت معذور عند الله وعند العقلاء من الناس عندما تعمل قدر استطاعتك، وما يمكنك فعله، ولست معذورا إن كنت تولول وتنوح وبإمكانك أن تسقي عطشان ولا تفعل، فأنقذ سفينة، وكن وليا لله…

___________________________________________

الكاتب: مرضي بن مشوح العنزي
 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

محفزات الهمة العالية

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. هُنَاكَ مُحَرِّكَاتٌ لِعُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَبَوَاعِثُ تَبْعَثُهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ خَارِطَةِ طَرِيقٍ تُوَصِّلُنَا إِلَى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *