الحكمة من خلق الفصول الأربعة – محمد بن علي بن جميل المطري

منذ حوالي ساعة

قال ابن القيم في كتابه النافع مفتاح دار السعادة (1/ 208، 209): لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه فلو كان صيفا كله لفاتت منافع مصالح الشتاء….

قال ابن القيم في كتابه النافع مفتاح دار السعادة (1/ 208، 209):

“لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه فلو كان صيفا كله لفاتت منافع مصالح الشتاء ولو كان شتاء لفاتت مصالح الصيف وكذلك لو كان ربيعا كله او خريفا كله ففي الشتاء تغور الحرارة في الاجواف وبطون الارض والجبال فتتولد مواد الثمار وغيرها وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرد الذي به حياة الارض وأهلها واشتداد أبدان الحيوان وقوتها وتزايد القوى الطبيعية واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الابدان وفي الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء فيظهر النبات ويتنور الشجر بالزهر ويتحرك الحيوان للتناسل وفي الصيف يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلات الابدان والاخلاط التي انعقدت في الشتاء وتغور البرودة وتهرب الى الاجواف ولهذا تبرد العيون والابار ولا تهضم المعدة الطعام التي كانت تهضمه في الشتاء من الاطعمة الغليظة لانها كانت تهضمها بالحرارة التي سكنت في البطون فلما جاء الصيف خرجت الحرارة الى ظاهر الجسد وغارت البرودة فيه فإذا جاء الخريف اعتدل الزمان وصفا الهواء وبرد فانكسر ذلك السموم وجعله الله بحكمته برزخا بين سموم الصيف وبرد الشتاء لئلا يتنقل الحيوان وهلة واحدة من الحر الشديد الى البرد الشديد فيجد اذاه ويعظم ضرره فإذا انتقل اليه بتدريج وترتب لم يصعب عليه فإنه عند كل جزء يستعد لقبول ما هو اشد منه حتى تأتي جمرة البرد بعد استعداد وقبول حكمة بالغة وآية باهرة وكذلك الربيع برزخ بين الشتاء والصيف ينتقل فيه الحيوان من برد هذا الى حر هذا بتدريج وترتيب فتبارك الله رب العالمين واحسن الخالقين”.

فائدة: قال ابن رجب في لطائف المعارف (ص: 331): “ليس المأمور به أن يتقي البرد حتى لا يصيبه منه شيء بالكلية فإن ذلك يضر أيضا وقد كان بعض الأمراء يصون نفسه من الحر والبرد بالكلية حتى لا يحس بهما بدنه فتلف باطنه وتعجل موته فإن الله بحكمته جعل الحر والبرد في الدنيا لمصالح عباده فالحر لتحلل الأخلاط والبرد لجمودها فمتى لم يصب الأبدان شيء من الحر والبرد تعجل فسادها ولكن المأمور به اتقاء ما يؤذي البدن من الحر المؤذي والبرد المؤذي”.

 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

هنيئا لك الرضى أيها المبتلى

أَخِي الْمُبْتَلَى: لَا يَحْزُنْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا إِذَا كَانَ عِوَضُكَ فِي الْأُخْرَى، وَلَا يَؤْلِمْكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *