هل يمكن أن ترى رجلاً يصارع الغرق، ومعك طوق نجاة، فلا ترميه إليه؟ أو تصادف طفلاً يكابد المرض، وفي حقيبتك دواء لمرضه، فلا تعطيه إياه؟ أو تلقى شاباً كفيفاً يسير، وأمامه حفرة فلا تنبه لها؟. بالطبع لن تقوم بمثل هذا، فقلبك ليس حجراً أصمّاً، وروحك كلها رحمة وحُباً.
هل يمكن أن ترى رجلاً يصارع الغرق، ومعك طوق نجاة، فلا ترميه إليه؟ أو تصادف طفلاً يكابد المرض، وفي حقيبتك دواء لمرضه، فلا تعطيه إياه؟ أو تلقى شاباً كفيفاً يسير، وأمامه حفرة فلا تنبه لها؟. بالطبع لن تقوم بمثل هذا، فقلبك ليس حجراً أصمّاً، وروحك كلها رحمة وحُباً.
لكن ما بال كثير منّا يرى حالَ غيرِ المسلمين وما هم فيه من جفاف روحي، وشتات نفسي، وتفكك اجتماعي، فلا يسعى -ولو بكلمة أو أدنى جهد- لإخراجهم مما هم فيه، بل إن بعضنا قد يُريهم إعجابه بحياتهم وثقافتهم، ويتابع مشاهيرهم ويروّج لهم، ولا يدعوهم، مما قد يكون فيه أعظم تلبيس وفتنة لهم، فيتمسكوا بكفرهم، ولا يلتفتوا لديننا. وقد ذكر الله أن من دعاء عباده المؤمنين قولهم: {رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا} ، أي: سبب فتنة للذين كفروا.
ولعل من أسباب هذه الحالة السلبية هو: أن تقدم الكفار المادي ونفوذهم السياسي وتفوقهم العسكري قد يبهر بعض النفوس، فيجعل على الأعين غشاوة وعلى العقول حجاباً، يصرف النظر بعين البصيرة عن واقعهم المرير وبؤسهم العريض.
وإنّ مما يدفع ويحفز إلى دعوة غير المسلمين أمورٌ، منها: أن نبينا ﷺ بُعث رحمةً للعالمين، لا للمسلمين وحدهم.
فقد زار صبيًا يهوديًا كان يحتضر، ودعاه إلى الإسلام، فأسلم قبيل وفاته بلحظات. ففرح النبي ﷺ بإسلامه فرحاً عظيماً، وقال: (الحمد لله الذي أنقذه الله بي من النار)، وكأنه لم يُسلِم على يديه إلا هذا الصبي.
ومنها: أن مصير من مات منهم على الكفر النار، وهذا يبعث في نفسك الشفقة عليهم، فترجو لهم الهداية وتسعى لنجاتهم كما ترجو النجاة لنفسك. ومنها: أن تستحضر أنهم بكفرهم يُغضبون مولاك وسيدك عز وجل، وأنت – بحبك لإلهك وخالقك – يؤلمك غضبه سبحانه، وتطلب رضاه بدعوتهم والسعي لهدايتهم. ومنها: أنك ستحصل على أجورٍ عظيمة -إن أسلم أحدهم بسببك- هي خير لك من كنوز الدنيا، كما ورد في الحديث: (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمر النعم “أي أنفس ثروات العرب”).
فيا أيها الموفق .. إذا لقيت أحدهم؛ فخاطبه بصدقٍ، مصحوباً بدعاءٍ ولطفٍ، عسى الله أن يجعل عملك طوق نجاة له، فيتغيّر –بإذن الله – مصيره الأخروي.
كتبه / منصور بن محمد المقرن – شوال 1446 هـ
Source link