منذ حوالي ساعة
المعركة الحقيقية التي تخوضها أمتنا اليوم ليست بين مذهبٍ ومذهب، ولا بين مدرسةٍ عقديةٍ وأخرى، بل بين إسلامٍ صادقٍ يريد أن ينهض بأمته، وتغريبٍ ماكرٍ يسعى لطمس هويتها وتذويب عقيدتها.
المعركة الحقيقية التي تخوضها أمتنا اليوم ليست بين مذهبٍ ومذهب، ولا بين مدرسةٍ عقديةٍ وأخرى، بل بين إسلامٍ صادقٍ يريد أن ينهض بأمته، وتغريبٍ ماكرٍ يسعى لطمس هويتها وتذويب عقيدتها.
يمثل الإسلامَ في هذه المعركة كلُّ مسلمٍ تقيٍّ صادقٍ، يؤمن بالله ورسوله، ويطلب عزّة دينه ونصره، أيًّا كانت بلده أو مذهبه أو اجتهاده. ويمثل التغريبَ اليوم طلائعُ الغرب في ديارنا من علمانيين ومنغمسين في الشهوات وطلاب دنيا باعوا آخرتهم بعرضٍ زائل، يزينون الباطل باسم التقدم، ويهاجمون الدين باسم الحرية، وينشرون الفوضى باسم الحداثة.
هؤلاء هم الذين يقتلوننا ويهدمون أوطاننا، وينهبون خيراتنا، وينتهكون أعراضنا، ويجففون منابع دعوتنا، ويغيرون مناهجنا، ويحاصرون كل صوتٍ صادقٍ يدعو إلى الله. ومع وضوح هذا كله، ما يزال بيننا من غفل عن المعركة الكبرى، فاستغرق في معارك جانبية هامشية، يستحضر بها صراعات القرون الماضية بين السلفية والأشعرية، أو بين المذاهب الفقهية والمدارس السلوكية، وكأن التاريخ يعيد نفسه بأخطائه لا بدروسه!
إنّ الواجب اليوم أن نتجاوز هذه الخلافات التاريخية، وأن نجعل من الحوار والتناصح والتآلف سبيلنا، ومن كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ميزاننا ومرجعنا. فما دام الناس معظمين للوحي، منقادين لأدلته، مخلصين في طلب الحق، فاختلافهم في مسائل النظر والاجتهاد لا يوجب فرقةً ولا خصومة، بل يزيد الأمة غنى وتنوعًا ورحمة.
أما الواجب الأعظم، فهو أن نجتمع حول ثوابت ديننا وقطعيات شريعتنا، وأن نحفظ وحدتنا في مواجهة المعسكر الصليبي الصهيوني وذرائعه من قوى التغريب، التي تعمل ليل نهار على تفكيك بنيان الأمة، وتمزيق نسيجها، وتوطين الضعف فيها، وفرض التبعية عليها، حتى تبقى أمةً متخلفةً ممزقةً تابعةً لا قائدة.
وليس أدلَّ على خبث مكرهم من سعيهم الدائم لإذكاء نيران الفرقة بين المسلمين: مرةً باسم السلفية، ومرةً باسم الأشعرية، ومرةً باسم الصوفية، وتارةً باسم القومية أو المناطقية أو الحزبية أو الوطنية الضيقة، وفي كل مرة يجدون – بكل أسى – من أبناء الأمة من يركب موجتهم ظانًا أنه ينصر الحق أو يدفع الباطل، وهو في الحقيقة يُسهم – بجهلٍ أو غفلة – في تنفيذ مخططات أعدائه!
إنها غفلة الوعي، وضعف الفقه بالواقع، وسذاجة النظر في المآلات، حين يتحول الخلاف الفقهي إلى خصومة، والاجتهاد العقدي إلى تكفير من غير مكفر، والنقاش العلمي إلى صراعٍ يستهلك الطاقات ويبدد الجهود.
فيا حملةَ الدعوة، ويا علماء الأمة ومفكريها:
عودوا إلى بصيرة الإسلام الجامعة، لا إلى دوائر العصبية الضيقة؛ واجعلوا من وحدة الكلمة وحراسة الملة قضيتكم الكبرى، فإن أمتنا اليوم تنزف من كل جانب، وأعداؤها يتربصون بها في الداخل والخارج.
اللهم فقّهنا في دينك، وبصّرنا بمكايد أعدائك، واصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعلنا من جند الحق الذين يجتمعون على هداك، وينتصرون لدينك، ويحمون أمتك، يا جواد يا كريم.
والله الهادي
Source link
