منذ حوالي ساعة
قال رسول الله ﷺ: «من أراد بَحبُوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد».
عن عرفجة بن شريح الأشجعي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب الناس، فقال: «إنه سيكون بعدي هنَّات وهنَّات، فمن رأيتموه فارق الجماعة، أو يُريد يُفرِّق أمرَ أمة محمد صلى الله عليه وسلم كائنًا من كان فاقتلوه، فإن يد الله على الجماعة؛ فإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض»؛ (رواه النسائي برقم (4020)) [1].
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: فإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض:
قال المناوي في “فيض القدير” (4/ 99): إن الله تعالى جمع المؤمنين على معرفة واحدة وشريعة واحدة، ألا تراه يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، فمن فارقهم خالف أمر الرحمن، فلزم الشيطان.
قال أبو شامة: حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة، فالمراد به لزوم الحق واتِّباعه، وإن كان المتمسك به قليلًا والمخالف كثيرًا؛ أي: الحق هو ما كان عليه الصحابة الأول من الصَّحب، ولا نظر لكثرة أهل الباطل بعدهم.
قال البيهقي: إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانوا عليه من قبلُ، وإن كنت وحدك؛ فإنك أنت الجماعة حينئذ؛ اهـ.
وقال ابن الأمير في “التنوير شرح الجامع الصغير” (6/ 389): قوله: وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض: فمن فارقهم فهو في سبيل الشيطان وحظِّه، وليست يد الله معه، ولا حافظ له من الشيطان؛ اهـ بتصرفٍ يسير.
وقال الإثيوبي في “ذخيرة العقبى في شرح المجتبى” (31/ 327): والمراد هنا أنه يتغلغل بينهم، ويحثُّهم بأن يُعادي بعضهم بعضًا، ويُسرع في الإفساد بينهم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب؛ اهـ.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد بَحبُوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد»؛ (رواه أحمد برقم (114)، والترمذي (2165)) [2].
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من أراد بَحبُوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد»:
قال المناوي في “التيسير” (1/ 388): قوله: «فليلزم الجماعة»: فإن من شَذَّ وَانْفَرَدَ بِمذهب عن مَذَاهِب الأمة، فقد خرج عن الحق؛ لأن الحق لا يَخرج عن جماعتها؛ اهـ.
وفي “تحفة الأحوذي” (6/ 321): قوله: «فإن الشيطان مع الواحد»؛ أي: الخارج عن طاعة الأمير، المفارق للجماعة، وهو أي: الشيطان من الاثنين أبعد؛ أي: بعيد؛ اهـ.
وقال في “التحبير” (6/ 677) قولُه: «فإن الشيطان مع الواحد»: يُضلُّه ويُغويه ويَعِدُه ويُمنِّيه، وهو من الاثنين أبعد: فكيف من كان مع الجماعة؛ اهـ.
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: كان الناس إذا نزلوا منزلًا – أو كان الناس إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلًا تفرَّقوا في الشِّعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تفرُّقكم في هذه الشعاب والأودية، إنما ذلكم من الشيطان»، فلم ينزل بعد ذلك منزلًا إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يُقال: لو بُسط عليهم ثوب لعمَّهم، (رواه أحمد برقم (17736)، وأبو دواد (2628)) [3].
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إن تفرُّقكم من الشيطان:
قال الطيبي في “مرقاة المفاتيح” (6/ 2519): قوله: «إن تفرُّقكم في هذه الشعاب والأودية من الشيطان»؛ أي: ليُخوِّف أولياء الله ويحرِّك أعداءه؛ اهـ.
[1] صحيحٌ: راجع: “صحيح وضعيف النسائي” ـ عقب الرقم المذكور أعلاه.
[2] صحيحٌ: راجع: “صحيح ابن ماجه” برقم (2363)، و”تحقيق المسند” (1/ 269).
[3] صحيحٌ: راجع: “صحيح وضعيف أبي داود” ـ عقب الرقم المذكور أعلا ـ و”الصحيح المسند” برقم (1211)، و”تحقيق المسند” (29/ 273).
Source link