منذ حوالي ساعة
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ..) فمن المفترض أن تكون هذه الآية دافعًا للاهتمام بالقراءة والتعرُّف على فوائدها وثمارها.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فعلينا أمة الإسلام -أمة اقرأ- نزلت الآية الكريمة على النبي صلى الله عليه وسلم التي يقول الله تعالى فيها: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5]، فمن المفترض أن تكون هذه الآية دافعًا للاهتمام بالقراءة والتعرُّف على فوائدها وثمارها، وما جاء بأهميتها بدايةً في المجتمع النبوي في المدينة، فلقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الأسرى المشركين في معركة بَدْر أن يكون تعليم المسلمين مقابل فديتهم، وتقديم هذا الأمر على الأموال، وللفوائد الكثيرة للقراءة التي تتمثل في أنها من أقوى الأسباب لمعرفة الله سبحانه وتعالى وعبادته وطاعته وطاعة رسوله من خلال قراءة القرآن والسنة المطهرة، وتعلُّم الأحكام الشرعية، والاطلاع على جميع العلوم الدنيوية التي يحصل بها عمارة الأرض، ومعرفة أحوال الأمم السابقة، وأخذ العبرة والموعظة لما حصل لهم، وأن العلم والمعرفة سبب لرفعة الإنسان؛ قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وغير ذلك مما سطَّره المختصون في هذا المجال.
والمطالع للزمن السابق في تطور صورة القراءة، وظهور التأليف في جميع الفنون، ووجود المكتبات وانتشارها حتى عصرنا الحديث -يشاهد المنحنى الخطير الذي طرأ على المجتمعات في أنحاء العالم خلال عصرنا الحالي -العصر الرقمي- حيث إمكانية الحصول على كمية هائلة من المعلومات في متناول أيدينا، وعلى الرغم من ذلك يجد الكثير من الناس صعوبةً في قراءة المقالات الطويلة والاكتفاء بمنشورات ذات أسطر محدودة أو بالأحرى مقطع فيديو قصير جدًّا، فهناك العديد من الأسباب التي تساهم في هذه الظاهرة.
من هذه الأسباب التي تجعل الناس لا يقرؤون والتي تكاد تجمع عليها الدراسات والأبحاث التي أُجريت في هذا الموضوع، هو الوابل المستمر من الإشعارات ورسائل البريد الإلكتروني وتحديثات مواقع التواصل الاجتماعي التي تسبب التشتت في موضوعاتها وأساليبها، فمن الصعب على الأشخاص التركيز فترات طويلة وغربلة هذه المعلومات وتمييز المهم منها؛ مما يجعل من الصعب على القُرَّاء التعامل مع مقالات طويلة؛ مما يؤدي بهم إلى التخلي عنها تمامًا، بالإضافة إلى أسلوب الكتابة عند بعض المؤلفين في استخدامهم لغة معقدة وجملًا طويلة تجعل من الصعب على القُرَّاء متابعتها، ويمكن أن يؤدي التنسيق السيِّئ للكتاب أو المقال -مثل: الفقرات الطويلة، ونقص العناوين الفرعية- إلى جعل المقالة تبدو مخيفة ومربكة، وقد لا يقرأ القُرَّاء مقالات طويلة إذا لم يجدوا الموضوع مُهِمًّا وجذَّابًا ذا صلة باهتماماتهم أو ممتعًا بحيث قد لا ينقل العنوان والمقدمة بشكل فعَّال قيمة المقالة أو أهميتها؛ مما يتسبب في عزوف القُرَّاء عن ذلك.
وفَّق الله الجميع لما يحب ويرضى.
_________________________________________________
الكاتب: نايف ناصر المنصور
Source link