منذ حوالي ساعة
إن للمرأة في الإسلام ذمة مالية لا يجوز لأحد أن يسلبها إياها، ولا يجوز لأحد أن يتعدى عليها، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {.. وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
تَأَملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا….} ، لتعلم أن للمرأة في الإسلام ذمة مالية لا يجوز لأحد أن يسلبها إياها، ولا يجوز لأحد أن يتعدى عليها، وذكر الله تعالى هنا المهر استكمالًا لسلسة الحقوق التي جاء الإسلام لترسيخها؛ لأن بعض الأزواج يظن أنه أَولى بماله الذي دفعه مهرًا للمرأة؛ لأنها أصبحت في عصمته، فيمد عينيه إليه طمعًا فيه ورغبةً في استعادته، والله تبارك وتعالى حرَّمَ القليل والكثير منه على الأزواج، فقال: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} ، وشيئًا نكرة تعم القليل والكثير.
ولما كانت الزوجة تعيش في كنف زوجها، ويضمهما بيت واحد، وقد تضيق الأحوال على الزوج، وتنقلب حياته عسرًا بعد يسار، وينسخ غِنَاه عَوَزٌ وإِقْتَارٌ، وقد كون الزوجة غنيةً ذات مالٍ، أباح الله تعالى للزوج أن يأخذ منها ما تجود به عليه عن طيب خاطرٍ، لا رغمًا عنها، ولا قهرًا لها، ولا سلبًا بسيف الحياء، فقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].
وطيب النفس لا يُعرف بتوقيع ولا إقرارٍ، ليظل الزوج وجلًا من التعدي على حقوقها المالية، ولا يتشوف لشيء منها.
فمن لم ينزجر بالنهي الأول قرعته أواخر الآية قرعًا؛ {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ، فسمى الله استحلال مالها بهتانًا؛ لأنه يزعم أنها لن تمانع، ووصف فعله بالإثم المبين؛ لأنه لا يخفى إلا على أعمى البصيرة.
وإذا كان هذا حالها مع زوجها التي أخذت منه ميثاقًا غليظًا، وأعطته أغلى ما تملك، واطلع منها على ما لم يطلع عليه غيره، فأبوها أَولى بالمنع من أخذ مالها، ومَنْ دونه أولى وأولى بالمنع.
أين هذا التشريع ممن يبيع المرأة بيع المتاع، ويستعبدها استعباد الإماء، ولا يرى لها حقًّا، ولا يعرف لها قدرًا؟
يحدث هذا في دول ينظر إليها بعين الإكبار، وتشد إليها الرحال في الأسفار، ويشار إليها بالبنان، وتمتد إليها أعناق المتطلعين إلى الحرية، رغبة فيما عندهم من مدنية، فإذا هي سراب خادع، وحضارة زائفة، تشكل المرأة فيه أعلى مصدر للدخل بما يسمى بتجارة الرقيق الأبيض، نعم تجارة رقيق بمعنى الكلمة، ترغم عليها المرأة إرغامًا، وتقهر قهرًا، لتجد ما تقتات به، من يخرج علينا من بني جلدتنا، من ينادي بتحرير المرأة، أسوة بالمرأة الغربية.
___________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
Source link