الصلح بين الخليفة العباسي المسترشد بالله ومحمود بن ملكشاه .

تفاصيل الحدث :

كان السلطانُ محمود بن محمد بن ملكشاه قد أرسل إلى عماد الدين بواسط يأمره أن يَحضُر هو بنفسِه ومعه المقاتِلة في السفن، وعلى الدوابِّ في البر، فجمع كلَّ سفينة في البصرة إلى بغداد، وشحَنَها بالرجال المقاتِلة، وأكثَرَ من السلاح، وأصعد، فلما قارب بغداد أمرَ كُلَّ من معه في السفن وفي البر بلُبس السلاح، وإظهار ما عندهم من الجَلدِ والنهضة، فسارت السفنُ في الماء، والعسكرُ في البر على شاطئ دجلة قد انتشروا وملؤوا الأرض برًّا وبحرًا، فرأى الناس منظرًا عجيبًا، كَبُر في أعينهم، وملأ صدورَهم، وركب السلطانُ والعسكر إلى لقائِهم، فنظروا إلى ما لم يروا مثله، وعَظُم عماد الدين في أعينهم، وعزم السلطانُ على قتال بغداد حينئذ، والجِدُّ في ذلك في البر والماء. فلما رأى الخليفة المسترشد بالله الأمرَ على هذه الصورة، وخروج الأمير أبي الهيجاء من عنده، أجاب إلى الصلحِ، وترددت الرسل بينهما، فاصطلحا، واعتذر السلطانُ مما جرى، وكان حليمًا يسمَعُ سَبَّه بأذنه فلا يعاقِبُ عليه، وعفا عن أهل بغداد جميعِهم، وكان أعداءُ الخليفة يشيرون على السلطان بإحراق بغداد، فلم يفعل، وقال: لا تساوي الدنيا فِعْلَ مِثلِ هذا. وأقام ببغداد إلى رابع شهر ربيع الآخر سنة 521، وحمل الخليفةُ من المال إليه كما استقرت القاعدةُ عليه، وأهدى له سلاحًا وخيلًا وغير ذلك، فمرض السلطان ببغداد، فأشار عليه الأطباء بمفارقتها، فرحل إلى همذان، فلما وصلها عوفيَ.

العودة الى الفهرس