أعمال مصطفى كمال أتاتورك بعد أن تسلم الرئاسة .

تفاصيل الحدث :

مصطفى كمال من سلانيك أو سالونيك مدينة يونانية، وهي مهبِطُ اليهود ومقَرُّهم، ومنها خرج وفيها نشأ، لذلك عدَّه كثيرٌ من الكُتَّاب من يهود الدونمة؛ ثمَّ إن أدواره التي لَعِبَها توحي بالعمالة الغربية؛ فقد صنعه الغَربُ ليظهَرَ في صورة البطل؛ وليكونَ مقبولًا عند الأتراك، ويكفي أنَّ أعمالَه تدُلُّ على باطنه؛ فقد منع الخليفةَ مِن الخروج للصلاة، ثم خفض مخصَّصاته للنصف، وحكم مصطفى كمال البلادَ بالحديدِ والنار، وضَمِنَ تأييدَ الدول العظمى لسياستِه التعسفية، وقد نفَّذ مصطفى كمال المخطَّط كاملًا، وابتعد عن الخطوط الإسلامية، ودخلت تركيا لعمليَّات التغريب البَشِعة؛ فألغى الخلافةَ الإسلامية سنة 1342ه، ثم ألغى وزارة الأوقاف سنة 1343هـ/1924م، وعَهِدَ بشؤونها إلى وزارة المعارف. وفي عام 1344هـ أغلق المساجِدَ، وقضت حكومتُه في قسوةٍ بالغة على كلِّ تيَّار ديني، وواجهت كلَّ نقدٍ ديني لتدبيرها بالعُنفِ. أما الشريعة الإسلامية فقد استُبدِلَت وحلَّ محلها قانونٌ مدني أخذته حكومةُ تركيا من القانون السويسري عام 1345هـ/1926م، وغيَّرَ التقويمَ الهجريَّ واستخدم التقويم الجريغوري الغربي، فأصبح عام 1342هـ مُلغًى في كلِّ أنحاء تركيا وحلَّ محله عام 1926م! وفي دستور عام 1347هـ أغفل النصَّ على أن تركيا دولةٌ إسلامية، وغيَّرَ نَصَّ القسم الذي يقسِمُه رجال الدولة عند تولِّيهم لمناصبهم، فأصبحوا يُقسِمون بشَرَفِهم على تأدية الواجبِ بدلًا من أن يحلِفوا بالله كما كان عليه الأمر من قبل!! وفي عام 1348ه بدأت الحكومة تَفرِضُ إجباريًّا استخدامَ الأحرف اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلًا من الأحرُفِ العربية. وبدأت الصُّحُفُ والكتُبُ تَصدُرُ بالأحرف اللاتينية، وحُذِفَ من الكليات التعليمُ باللغة العربية واللغة الفارسية، وحُرِّم استعمال الحرف العربي لطبع المؤلفات التركية، وأما الكتُبُ التي سبق لمطابِعِ استانبول أن طبعتها في العهود السالفة فقد صُدِّرَت إلى مصر، وفارس، والهند، وهكذا قطعت حكومة تركيا ما بين تركيا وماضيها الإسلاميِّ من ناحية، وما بينها وبين المسلمين في سائر البلدان العربية والإسلامية من ناحية أخرى!! وفي عام (1350-1351هـ/1931-1932م) حدَّدَت عددَ المساجِدِ، ولم تسمَحْ بغير مسجد واحدٍ في كل دائرة من الأرض يبلغ محيطُها 500 متر مربع، وأعلن أنَّ الروح الإسلامية تعوقُ التقدُّمَ. وتمادى مصطفى كمال في تهجُّمه على المساجد، فخفض عددَ الواعظين الذين تدفَعُ لهم الدولة أجورَهم إلى ثلاثمائة واعظ، وأمَرَهم أن يفسحوا في خطبة الجمعة مجالًا واسعًا للتحدُّثِ على الشؤون الزراعية والصناعية وسياسة الدَّولة، وكَيْلِ المديحِ له. وأغلق أشهَرَ جامعين في استانبول، وحَوَّلَ أولهما وهو مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وحول ثانيهما وهو مسجد الفاتح إلى مستودع، وأهملت الحكومةُ التعليم الديني كليَّةً في المدارس الخاصة، ثم تمَّ إلغاؤه. بل إنَّ كلية الشريعة في جامعة استانبول بدأت تقَلِّلُ من أعداد طلابها حتى أغلقت عام 1352هـ/1933م. وأمعنت حكومة مصطفى كمال في حركة التغريب، فأصدرت قرارًا بإلغاء لبس الطربوش، وأمَرَت بلُبس القبعة تشبهًا بالدول الأوروبية، وفي عام 1935م غيَّرَت الحكومة العطلة الرسمية فلم يعد الجمعة، بل أصبحت العطلة الرسمية للدولة يومَ الأحد، وأصبحت عطلةُ نهاية الأسبوعِ تبدأ منذ ظُهر يوم السبت وتستمر حتى صباح يوم الاثنين، وأخذ أتاتورك ينفُخُ في الشعب التركي روحَ القومية، واستغَلَّ ما نادى به بعضُ المؤرخين من أن لغة السومريين أصحاب الحضارة القديمة في بلاد ما بين النهرين كانت ذات صلةٍ باللغة التركية، فقال: إن الأتراك هم أصحاب أقدم حضارة في العالم؛ ليعَوِّضَهم عما أفقَدَهم إياه من قِيَمٍ، بعد أن حارب كلَّ نشاط إسلامي، وخلع مصطفى كمال على نفسه لقب (أتاتورك) ومعناه أبو الأتراك، وعملت حكومته على إلغاء حجاب المرأةِ وأمرت بالسفور، وأُلغيت قوامةُ الرجل على المرأة، وأُطلِقَ لها العِنان باسم الحرية والمساواة، وشجع الحفلاتِ الراقصة والمسارح المختلطة والرقص. وأمر بترجمة القرآن إلى اللغةِ التركية، ففقد كُلَّ معانيه ومدلولاته، وأمر أن يكونَ الأذان باللغة التركية، ثمَّ عَمِلَ على تغيير المناهج الدراسية، وأعيد كتابةُ التاريخ من أجل إبراز الماضي التركي القومي، وجرى تنقيةُ اللغة التركية من الكلمات العربية والفارسية، واستُبدِل بها كلمات أوروبية أو حثية قديمة.

العودة الى الفهرس