تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 3 من سورة الفجر
( والشفع والوتر ) قرأ حمزة ، والكسائي : " الوتر " بكسر الواو ، وقرأ الآخرون بفتحها ، واختلفوا في الشفع والوتر . قيل : " الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : " وخلقناكم أزواجا " و " الوتر " هو الله - عز وجل - . روي ذلك عن [ ابن مسعود وعن ] أبي سعيد الخدري ، وهو قول عطية العوفي .
وقال مجاهد ومسروق : " الشفع " الخلق كله ، كما قال الله تعالى : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " ( الذاريات - 49 ) الكفر والإيمان ، والهدى والضلالة ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجن والإنس ، والوتر هو الله - عز وجل - ، قال الله تعالى : " قل هو الله أحد " ( الإخلاص - 1 ) .
قال الحسن وابن زيد : " الشفع والوتر " الخلق كله ، منه شفع ، ومنه وتر .
وروى قتادة عن الحسن قال : هو العدد منه شفع ومنه وتر . وقال قتادة : هما الصلوات منها شفع ومنها وتر . وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعا ، وروى عطية عن ابن عباس : الشفع صلاة الغداة ، والوتر صلاة المغرب .
وعن عبد اللهبن الزبير قال : " الشفع " يوم النفر الأول ، و " الوتر " يوم النفر الأخير . روي أن رجلا سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر ؟ فقال : أما الشفع والوتر : فقول الله - عز وجل - : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " ( البقرة - 203 ) فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر : فالثمان وعرفة والنحر .
وقال مقاتل بن حيان : " الشفع " الأيام والليالي ، و " الوتر " اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة .
وقال الحسين بن الفضل : " الشفع " درجات الجنة لأنها ثمان ، و " الوتر " دركات النار لأنها سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار .
وسئل أبوبكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : " الشفع " تضاد [ أخلاق ] المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى ، و " الوتر " انفراد صفات الله عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا ممات .