تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 12 من سورة مريم

قوله تعالى : يا يحيى خذ الكتاب بقوة في الكلام حذف ؛ المعنى فولد له ولد وقال الله تعالى للمولود : يا يحيى خذ الكتاب بقوة وهذا اختصار يدل الكلام عليه . والكتاب التوراة بلا خلاف . بقوة أي بجد واجتهاد ؛ قاله مجاهد . وقيل : العلم به ، والحفظ له والعمل به ، وهو الالتزام لأوامره ، والكف عن نواهيه ؛ قاله زيد بن أسلم ؛ وقد تقدم في ( البقرة ) .
وآتيناه الحكم صبيا قيل : الأحكام والمعرفة بها . وروى معمر أن الصبيان قالوا ليحيى : اذهب بنا نلعب ؛ فقال : ما للعب خلقت . فأنزل الله تعالى : وآتيناه الحكم صبيا وقال قتادة : كان ابن سنتين أو ثلاث سنين . وقال مقاتل : كان ابن ثلاث سنين . و صبيا نصب على الحال . وقال ابن عباس : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممن أوتي الحكم صبيا . وروي في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا . وقال قتادة : إن يحيى - عليه السلام - لم يعص الله قط بصغيرة ولا كبيرة ولا هم بامرأة . وقال مجاهد : وكان طعام يحيى - عليه السلام - العشب ، كان للدمع في خديه مجار ثابتة . وقد مضى الكلام في معنى قوله : وسيدا وحصورا في ( آل عمران ) .