تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 58 من سورة الزمر
أو تقول يعني أن هذه النفس حين ترى العذاب لو أن لي كرة رجعة . " فأكون " نصب على جواب التمني ، وإن شئت كان معطوفا على " كرة " لأن معناه أن أكر ، كما قال الشاعر : [ الشاعرة ميسون بنت مجدل الكلبية ]
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
وأنشد الفراء :
فما لك منها غير ذكرى وخشية وتسأل عن ركبانها أين يمموا
فنصب وتسأل على موضع الذكرى ; لأن معنى الكلام : فما لك منها إلا أن تذكر . ومنه للبس عباءة وتقر ، أي : لأن ألبس عباءة وتقر . وقال أبو صالح : كان رجل عالم في بني إسرائيل وجد رقعة : إن العبد ليعمل الزمان الطويل بطاعة الله فيختم له عمله بعمل أهل النار فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بمعصية الله ثم يختم له عمله بعمل رجل من أهل الجنة فيدخل الجنة ، فقال : ولأي شيء أتعب نفسي . فترك عمله وأخذ في الفسوق والمعصية ، وقال له إبليس : لك عمر طويل فتمتع في الدنيا ثم تتوب ، فأخذ في الفسوق وأنفق ماله في الفجور ، فأتاه ملك الموت في ألذ ما كان ، فقال : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، ذهب عمري في طاعة الشيطان ، فندم حين لا ينفعه الندم ، فأنزل الله خبره في القرآن . وقال قتادة : هؤلاء أصناف ، صنف منهم قال : ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله . وصنف منهم قال : لو أن الله هداني لكنت من المتقين . وقال آخر : لو أن لي كرة فأكون من المحسنين فقال الله تعالى ردا لكلامهم : بلى قد جاءتك آياتي