تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 31 من سورة محمد

قوله تعالى : ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم .
قوله تعالى : ولنبلونكم أي نتعبدكم بالشرائع وإن علمنا عواقب الأمور . وقيل : لنعاملنكم معاملة المختبرين . حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين عليه . قال ابن عباس : حتى نعلم : حتى نميز . وقال علي - رضي الله عنه - . حتى نعلم : حتى نرى . وقد مضى في ( البقرة ) وقراءة العامة بالنون في نبلونكم ونعلم ونبلو وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء فيهن . وروى رويس عن يعقوب إسكان الواو من ( نبلو ) على القطع مما قبل . ونصب الباقون ردا على قوله : حتى نعلم وهذا العلم هو العلم الذي يقع به الجزاء ; لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم . فتأويله : حتى نعلم المجاهدين علم شهادة ; لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا ، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة . ونبلو أخباركم : نختبرها ونظهرها . قال إبراهيم بن الأشعث : كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبتلنا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا .